هذه الآية: غره حمقه وجهله، وقرأ: ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١)﴾؛ أي: انشقت (١) لنزول الملائكة، كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥)﴾، أو لهيبة الرب جل جلاله، والانفطار كالفطر: الشق، يقال: فطرته فانفطر، ومنه: فطر ناب البعير إذا طلع، وفي "فتح الرحمن": تشققها على غير نظام مقصود إنما هو انشقاق لتزول بنيتها، وإعرابه كإعراب ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)﴾.
٢ - ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ﴾، والنجوم ﴿انْتَثَرَتْ﴾؛ أي: تساقطت عن مواضعها سوداء متفرقة، كما تساقط اللآلىء إذا انقطع المسلك، وهذان من أشراط الساعة متعلقان بالعلويات، فإن السماء في هذا العالم كالسقف، والأرض كالبناء، ومن أراد تخريب دار فإنه يبدأ أولًا بتخريب السقف، وذلك هو قوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١)﴾، ثم يلزم من تخريب السماء انتثار الكواكب.
٣ - ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣)﴾؛ أي: فجر وفتح بعضها إلى بعض بزوال المانع، وحصول تزلزل الأرض وتصدعها واستوائها، وصارت البحار - وهي سبعة: بحر الروم، وبحر الصقالبة، وبحر جرجان، وبحر القلزم، وبحر فارس، وبحر الصين، وبحر الهند - بحرًا واحدًا، فيصب ذلك البحر الواحد في جوف الحوت الذي عليه الأرضون السبع، كما في "كشف الأسرار". وروي: أن الأرض تنشف من الماء بعد امتلاء البحار، فتصير مستوية، وهو معنى التسجير عند الحسن البصري، ودخل في البحار: البحر المحيط؛ لأنه أصل الكل؛ إذ منه يتفرع الباقي، وكذا الأنهار العذبة، فإنها بحار أيضًا لتوسعها.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿فُجِّرَتْ﴾ بتشديد الجيم ومجاهد وربيع بن خيثم والزعفراني والثوري بتخفيفها، وتفجيرها من أعلاها، وتفيض على ما يليها، أو من أسفلها، فيذهب الله ماءها حيث أراد، وعن مجاهد: ﴿فجرت﴾ مبنيًا للفاعل مخففًا بمعنى: بغت لزوال البرزخ نظرًا إلى قوله تعالى: ﴿لَا يَبْغِيَانِ﴾؛ لأن البغي والفجر متقابلان.
(٢) البحر المحيط.