المؤمنين في الحياة الدنيا، وما سيقابل به المؤمنون الكفار يوم القيامة كفاء ما صنعوا معهم في الحياة الأولى.
أسباب النزول
سبب نزولها: ما أخرج النسائي وابن ماجه بسند صحيح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما قدم النبي - ﷺ - المدينة.. كانوا من أبخس الناس كيلًا، فأنزل الله عزّ وجلّ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١)﴾، فأحسنوا الكيل بعد ذلك. قال الفراء: فهم من أوفى الناس كيلًا إلى يومهم هذا، وورد عن ابن عباس أيضًا قال: هي أول سورة نزلت على رسول الله - ﷺ - ساعة نزل المدينة، وكان هذا فيهم، كانوا إذا اشتروا استوفوا بكيل راجح، فإذا باعوا بخسوا المكيال والميزان، فلما نزلت هذه السورة انتهوا، فهم أوفى الناس كيلًا إلى يومهم هذا كما مر آنفًا. وقال قوم: نزلت في رجل كان بالمدينة يعرف بأبي جهينة، واسمه: عمرو، وكان له صاعان، يأخذ بأحدهما ويعطي بالآخر، قاله أبو هريرة رضي الله عنه.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿وَيْلٌ﴾؛ أي: هلاك عظيم، وشر شديد، وعذاب أليم كائن ﴿لِلْمُطَفِّفِينَ﴾؛ أي: للناقصين (١) في المكيال والميزان بالشيء القليل التافه على سبيل الخفية. قال ابن كيسان (٢): الويل: كلمة تقال لكل مكروب واقع في البلية، فقولك: ويل لك، عبارة عن استحقاق المخاطب لنزول البلاء والمحنة عليه، الموجب له أن يقول: واويلاه ونحوه. وقيل: وي لفلان؛ أي: الحزن، فقرن بلام الإضافة تخفيفًا، وهو مبتدأ، وإن كان نكرة لوقوعه في معرض الدعاء على ما سبق بيانه في المرسلات، خبره قوله: ﴿لِلْمُطَفِّفِينَ﴾؛ أي: كائن للباخسين حقوق الناس في المكيال والميزان، فإن التطفيف البخس في الكيل والوزن، والنقص والخيانة فيهما؛ بأن لا يعطي المشتري حقه تامًا كاملًا، وذلك لأن ما يبخس شيء خفيف؛ أي: يسير حقير على وجه الخفية من جهة دناءة الكيال والوزان وخساستهما؛ إذ الكثير يظهر، فيمنع منه، ولذا سمي: مطففًا.
(٢) روح البيان.