﴿الَّذِينَ...﴾ إلخ (١) صفة كاشفة للمطففين، شارحة لكيفية تطفيفهم الذي استحقوا به الذم والدعاء بالويل ﴿إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ﴾؛ أي: إذا أخذوا مكيلهم وحقوقهم بحكم الشراء ونحوه من الناس، والاكتيال: الأخذ بالكيل، كالاتزان: الأخذ بالميزان، ولم يقل: اتزنوا لأن الكيل والوزن المراد بهما الشراء والبيع، فأحدهما يدل على الآخر.
﴿يَسْتَوْفُونَ﴾؛ أي: يأخذونه وافيًا وافرًا تامًا، والاستيفاء: عبارة عن الأخذ الوافي، وتبديل كلمة من بـ ﴿عَلَى﴾ لتضمين الاكتيال معنى الاستيلاء، أو للإشارة إلى أنه اكتيال مضرُّ بهم، لكن لا على اعتبار الضرر في حيز الشرط الذي تتضمنه كلمة ﴿إذا﴾ لإخلاله بالمعنى، بل في نفس الأمر بموجب الجواب، فإن المراد بالاستيفاء ليس أخذ الحق وافيًا من غير نقص، بل مجرد الأخذ الوافي الوافر حسبما أرادوا بأي وجه يتيسر من وجوه الحيل، وكانوا يفعلونه بكبس الكيل، وتحريك المكيال، والاحتيال في ملئه، فيسرقون أفواه المكاييل، وألسنة الموازين.
٣ - ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ﴾؛ أي (٢): وإذا كالوا للناس المبيع ونحوه ﴿أَوْ وَزَنُوهُمْ﴾؛ أي: وزنوه للناس، فحذف الجار، وأوصل الفعل كما قال في "تاج المصادر": وزنت فلانًا درهمًا، ووزنت لفلان بمعنى، والأصل اللام، ثم حذفت، فوصل الفعل، ومنه الآية. انتهى.
فلفظ ﴿هم﴾ منصوب المحل على المفعولية، لا مرفوعه على التأكيد للواو؛ لأن واو الجمع، إذا اتصل به ضمير المفعول.. لا يكتب بعده الألف كما في نصروك، ومنه الآية إذا لم يكتب الألف في المصحف، وإذا وقع في الطرف بأن يكون الضمير مرفوعًا واقعًا للتأكيد.. فحينئذٍ يكتب بعده الألف؛ لأن المؤكد ليس كالجزء مما قبله بخلاف المفعول، وأما نحو: شاربوا الماء، فالأكثر على حذف الألف؛ لقلة اتصال واو الجمع بالاسم هذا.
فإن قلت: خط المصحف خارج عن القياس؟
(٢) روح البيان.