للطافتها وشفوفها؛ أي: رقتها؛ وقيل: ينظرون إلى وجه الله سبحانه، قال ابن عطاء الله رحمه الله تعالى: على أرائك المعرفة ينظرون إلى المعروف، وعلى أرائك القربة، ينظرون إلى الرؤوف الرحيم.
والمعنى (١): أي إن البررة المطيعين لربهم الذين يؤمنون بالبعث والحساب، ويصدقون بما جاء على لسان رسوله - ﷺ - لفي لذة، وخفض عيش، وراحة بال، واطمئنان نفس، وعلى الأسِرَّة في حجالها ينظرون إلى أنواع نعيمهم في الجنة من الحور العين، والولدان، وأنواع الأطعمة والأشربة، والمراكب الفارهة إلى نحو ذلك.
٢٤ - وثانيها: أنه بيَّن أثر هذا النعيم على أهل الجنة فقال: ﴿تَعْرِفُ﴾ أيها المخاطب، أو يا محمد ﴿فِي وُجُوهِهِمْ﴾؛ أي: في وجوه أولئك الأبرار ﴿نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾؛ أي: بهجة التنعم، وماءه، وروقه، وهو ثاني الأوصاف الثلاثة المذكورة سابقًا؛ أي: إنك إذا رأيتهم ونظرت إليهم.. عرفت أنهم أهل النعمة، لما ترى في وجوههم من القرائن الدالة على ذلك؛ كالضحك والاستبشار، كما يرى في الدنيا في وجوه الأغنياء، وأهل الترفه، فمن (٢) هذا اختير: ﴿تَعْرِفُ﴾ على ترى، مع أن المعرفة تتعلق بالخفيات غالبًا، والرؤية بالجليات غالبًا، والخطاب في ﴿تَعْرِفُ﴾ لكل أحد ممن له حظ من الخطاب؛ للإيذان بأن لهم من آثار النعمة، وأحكام البهجة بحيث لا يختص برؤية راء دون راء. قال جعفر الصادق رحمه الله تعالى: يعني: لذة النظر تتلألأ مثل الشمس في وجوههم إذا رجعوا من زيارة الله إلى أوطانهم، وقال بعضهم: تعرف في وجوههم رضي محبوبهم عنهم قال: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩)﴾.
وقرأ الجمهور: ﴿تَعْرِفُ﴾ بفتح الفوقية وكسر الراء خطابًا للرسول الله - ﷺ -، أو لأي ناظر، ونصب ﴿نضرة﴾ وقرأ أبو جعفر بن القعقاع، ويعقوب وشيبة وطلحة وابن إسحاق والزعفراني بضم الفوقية، وفتح الراء مبنيًا للمفعول، ورفع ﴿نضرةُ﴾ على النيابة، وقرأ زيد بن علي كذلك إلا أنه قرأ: ﴿يعرف﴾ بالياء التحتانية إذ تأنيث ﴿نضرة﴾ مجازي.

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon