كسر التاء؛ أي؛ آخره، مثل قوله: ﴿وخاتم النبيين﴾، وفيه حذف؛ أي: خاتم رائحته المسك، أو خاتمه الذي يختم به ويطبع، والخاتم والختام يتقاربان في المعنى، إلا أن الخاتم الاسم، والختام المصدر، كذا قاله الفراء. قال في "الصحاح": والختام الطين الذي يختم به، وكذا قال ابن زيد. قال الفرزدق:

وَبِتْنَ بِجَانِبَيَّ صُرَّعَاتٍ وَبِتُّ أَفُضُّ أَغْلَافَ الْخِتَامَهْ
ثم رغب في العمل لذلك النعيم، فقال: ﴿وَفِي ذَلِكَ﴾ الرحيق خاصة دون غيره من النعيم المكدر السريع الفناء، أو فيما ذكر من أحوالهم لا في أحوال غيرهم من أهل الشمال ﴿فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾؛ أي: فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله تعالى، وقيل: ﴿فِي﴾ بمعنى: إلى؛ أي: وإلى ذلك فليتسابق المتسابقون بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
والأمر فيه للتحضيض والترغيب ظاهر (١)، وللوجوب باطنًا بوجوب الإيمان والطاعة، وأصل التنافس: التغالب والتنازع في الشيء النفيس؛ أي: المرغوب، كأن كل واحد من الشخصين يريد أن يستأثر به، وأصله من النفس لعزتها، وقال البغوي: أصله من الشيء النفيس الذي يحرص عليه نفوس الناس، ويريده كل أحد لنفسه، وينفس به على غيره؛ أي: يبخل. وفي "المفردات": المنافسة: مجاهدة النفس للتشبه بالأفاضل واللحوق بهم من غير إدخال ضرر على غيره. قال ذو النون المصري رحمه الله تعالى: علامة التنافس تعلق القلب به، وطيران الضمير إليه، والحركة عند ذكره، والتباعد من الناس، والإنس بالوحدة، والبكاء على ما سلف، وحلاوة سماع الذكر، والتدبر في كلام الرحمن، وتلقي النعم بالفرح والشكر، والتعرض للمناجاة.
٢٧ - وقوله: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧)﴾ معطوف على ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ على أنه صفة أخرى لـ ﴿رَحِيقٍ﴾ مثله، وما بينهما اعتراض مقرر لنفاسته؛ أي (٢): ما يمزج ويخلط به ذلك الرحيق من ماء تسنيم: وهو اسم علم لعين بعينها تجري من جنة عدن، سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه: إذا رفعه؛ إما لأنها أرفع شراب في الجنة
(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon