والتحول والرجوع. ﴿انْقَلَبُوا﴾ ورجعوا حال كونهم ﴿فَكِهِينَ﴾؛ أي: فرحين متلذذين بذكرهم بالسوء، والسخرية منهم، وفيه إشارة إلى أنهم كانوا لا يفعلون ذلك بمرأى من المارين، ويكتفون حينئذٍ بالتغامز.
والمعنى (١): أي وإذا رجعوا إلى ذوي قرابتهم، وبني جلدتهم، وأشياعهم من أهل الشرك والضلالة.. رجعوا معجبين بما فعلوا من العيب على أهل الإيمان، ورميهم بالسخف وقلة العقل، ويقولون: عجبًا لهم إذ يقولون لا تدعوا إلا إلهًا واحدًا، ولا تتوجوا بالطلب إلا إليه، فأين الأولياء والشفعاء، فكم ضروا وكم نفعوا إلى نحو ذلك مما يتندرون به، ويعدونه فكاهة، ويتلذذون بحكايته.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿فاكهين﴾ بالألف؛ أي: أصحاب فاكهة ومزح ولسرور باستخفافهم بأهل الإيمان. وقرأ أبو رجاء والحسن وعكرمة وأبو جعفر وحفص وابن القعقاع والأعرج والسلمي: ﴿فَكِهِينَ﴾ بغير ألف. قال الفراء: هما لغتان، مثل: طمع وطامع، وحذر وحاذر، وقد تقدم في سورة الدخان، أن الفكه: الأشر البطر، والفاكه: الناعم المتنعم.
٣٢ - ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ﴾؛ أي: وإذا رأى المشركون المسلمين أينما كانوا، فالضمير المرفوع عائد على المجرمين ﴿قَالُوا﴾؛ أي: قال المجرمون مشيرين إلى المؤمنين بالتحقير: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ﴾ المسلمين ﴿لَضَالُّونَ﴾ في اتباعهم محمدًا - ﷺ -، وتمسكهم بما جاء به، وتركهم التنعم الحاضر، ويجوز أن يكون المعنى: وإذا رأى المؤمنون المشركين.. قالوا هذا القول، والأول أولى.
نسبوا (٣) المسلمين ممن رأوهم، ومن غيرهم إلى الضلال بطريق التأكيد، وقالوا: تركوا دين آبائهم القديم، ودخلوا في الدين الحادث، أو قالوا: تركوا التنعم الحاضر بسبب طلب ثواب لا يدرى هل له وجود أم لا.
والمعنى (٤): وإذا رأى الكفار المؤمنين، قالوا: إن هؤلاء لضالون؛ إذ نبذوا ما عليه الكافة، وذهبوا يعيبون العقائد الموروثة، والمناسك التي نقلها الخلف عن السلف كابرًا عن كابر، وجيلًا بعد جيل،
٣٣ - فرد سبحانه على هؤلاء الكفار، فقال:
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.