﴿مِنَ الْكُفَّارِ﴾: متعلق بـ ﴿يَضْحَكُونَ﴾ أيضًا، وحرام على الوهم أن يتوهم كونه بيانًا للموصول نظرًا إلى ظاهر الاتصال من غير تفكر في المعنى، وجملة ﴿يَضْحَكُونَ﴾ خبر المبتدأ، وهو ناصب ﴿اليوم﴾، كما قلنا آنفًا؛ لصحة المعنى حينئذٍ.
٣٥ - وقوله: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ والأسرة متعلق بـ ﴿يَنْظُرُونَ﴾ أو حال من فاعله، وجملة ﴿يَنْظُرُونَ﴾ حال من فاعل ﴿يَضْحَكُونَ﴾؛ أي: يضحكون منهم حال كونهم ناظرين إليهم، وإلى ما هم فيه من الحال الفظيع، والعذاب الأليم حال كونهم مستقرين على الأرائك في منازلهم من الجنة.
والحاصل (١): أن المؤمنين في يوم الدين يضحكون من الكفار ضحك من وصل به يقينه إلى مشاهدة الحق فسر به، وينكشف لهم ما كانوا يرجون من إكرام الله لهم، وخذلان أعدائهم، فضحكوا من أولئك المغرورين الجحدة الذين تجلت لهم عاقبة أعمالهم، وظهر لهم عاقبة سفه عقولهم، وفساد أقوالهم حال كونهم ينظرون على الأرائك إلى ما صنع الله بأعدائهم، وتنكيله بمن كانوا يفخرون عليهم، ويهزؤون بهم.
قال الواحدي: قال المفسرون: إن أهل (٢) الجنة إذا أرادوا نظروا من منازلهم إلى أعداء الله، وهم يعذبون في النار، فضحكوا منهم، كما ضحكوا منهم في الدنيا. وقال أبو صالح: يقال لأهل النار: اخرجوا، ويفتح لهم أبوابها، فإذا رأوها قد فتحت.. أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك، فإذا انتهوا إلى أبوابها.. غلقت دونهم، فذلك قوله: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤)﴾.
٣٦ - وقوله: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾ كلام (٣) مستأنف من قبل الله، أو من قبل الملائكة، والاستفهام للتقرير، وجوابه: قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله. وثوب بمعنى: يثوب، عبر عنه بالماضي لتحققه، والتثويب والإثابة: المجازاة، استعمل في المكافأة بالشر. قال الراغب: الإثابة تستعمل في المحبوب نحو: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ﴾، وقد قيل ذلك في المكروه، نحو: {فَأَثَابَكُمْ
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.