﴿انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾؛ أي: معجبين راضين بما فيه من الشرك والضلالة والعصيان، أو متلذذين بما كان من مكنتهم ورفعتهم التي أوصلتهم إلى الاستسخار بغيرهم، والضحك من المؤمنين.
﴿وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣)﴾؛ أي: رقباء يتفقدونهم ويهيمنون على أعمالهم.
﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (٣٢)﴾ أصل رأوهم: رأيوهم، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين، وأصل ﴿ضالون﴾: ضاللون بلامين، أدغمت أولاهما في الثانية.
﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ﴾ من التثويب، والتثويب والإثابة: المجازاة يقال: ثوبه وأثابه إذا جازاه، كما قال الشاعر:
سَأَجْزِيْكِ أَوْ يَجْزِيْكِ عَنِّيْ مُثَوِّبٌ | وَحَسْبُكِ أَنْ يُثْنَى عَليْكِ وَتُحْمَدِيْ |
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: تنكير ﴿وَيْلٌ﴾ لإفادة التهويل والتفخيم.
ومنها: المقابلة اللطيفة بين قوله: ﴿إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ وقوله ﴿إِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)﴾ وهي مقابلة أتت على أحسن وجه وأنظمه؛ أي: إذا كان الكيل من جهة غيرهم.. استوفوه، وإذا كان الكيل من جهتهم.. أخسروه، سواء باشروه، أو لا، فالضمير لا يدل على مباشرة، ولا إشعار أيضًا بذلك، والذي يدلك على أن الضمير لا يعطي مباشرة الفعل، أن لك أن تقول: الأمراء هم الذين يقيمون الحدود لا السوقة، لست تعني أنهم يباشرون ذلك بأنفسهم، وإنما معناه: أن فعل ذلك من جهتهم خاصة. اهـ من "الدرويش".
ومنها: الاكتفاء في قوله: ﴿إِذَا اكْتَالُوا﴾؛ لأنه حذف الاتزان لعلمه من الاكتيال؛ لأن مقتضى المقابلة أن يقال: الذين إذا اكتالوا، أو اتزنوا على الناس يستوفون، وقد مر لك بيان حكمة حذفه في مبحث التفسير.