ومنها: الطباق بين ﴿يَسْتَوْفُونَ﴾ و ﴿يُخْسِرُونَ﴾؛ لأن الاستيفاء الأخذ وافيًا، والإخسار: الإعطاء ناقصًا.
ومنها: الاستفهام الإنكاري التعجبي في قوله: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤)﴾ لأن ﴿أَلَا﴾ في قوله: ﴿أَلَا يَظُنُّ﴾ ليست استفتاحية، بل هي همزة الاستفهام دخلت على لا النافية، فأفادت التوبيخ والإنكار والتعجيب، كما في "الرازي". وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن، ووصف اليوم بالعظم، وقيام الناس فيه لله تعالى خاضعين، ووصف ذاته برب العالمين.. بيان بليغ لعظم الذنب، وتفاقم الإثم في التطفيف، وفيما كان مثل حاله من الحيف، وترك القيام بالقسط، والعمل على السوية والعدل في كل أخذ وإعطاء، بل في كل قول وعمل. اهـ "خطيب".
ومنها: تخصيص وصف رب العالمين من بين سائر الصفات إشعارًا بالماليكة والتربية، بحيث لا يمتنع عليه الظالم القوي؛ لكونه مملوكًا مسخرًا في قبضة قدرته، ولا يترك حق المظلوم الضعيف؛ لأن مقتضى التربية أن لا يضيع لأحد شيئًا من الحقوق، وفي هذه التشديدات إشارة إلى أن التطفيف، وإن كان يتعلق بشيء حقير، لكنه ذنب كبير.
ومنها: المقابلة بين حال الفجار، وحال الأبرار في قوله: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ...﴾ إلخ، وقوله: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَار...﴾ إلخ.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨)﴾ إفادة للتهويل، وفي قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩)﴾ إفادةً للتعظيم والتفخيم لمراتب الأبرار.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)﴾ حيث مثل احتجاب الله وسخطه عليهم، وإهانته بهم باحتجاب ملك من الملوك عن بعض رعيته؛ لأنه لا يؤذن على ذوي المقامات العلية والمراتب السامية إلا للمقربين المكرمين لديهم، ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء الموسومون بالمهانة والقماءة والصَّغَار، وقد رمق أبو تمام سماء هذا المعنى، فقال مبرزًا احتجاب المعتصم عن الرعية:
لَيْسَ الْحِجَابُ بِمُقْصٍ عَنْكَ لِىْ أمَلًا | إِنَّ السَّمَاءَ تُرَجَّى حِيْنَ تَحْتَجِبُ |