﴿سَعِيرًا﴾؛ أي: نارًا مسعرة متقدة ﴿أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾؛ أي: أصله: يحور بوزن يفعل، نقلت حركة الواو إلى الحاء، فسكنت إثر ضم، فصارت حرف مد، فهو نظير: يقول، قال لبيد:

وَمَا الْمَرْءُ إِلا كَالشِّهَابِ وَضَوْئِهِ يَحُوْرُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ
والمراد: أنه ظن أنه لن يرجع إلى الله للمجازاة تكذيبًا للمعاد، من: الحور، وهو: الرجوع، والمحار: المرجع والمصير، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ما كنت أدري ما معنى ﴿يَحُورَ﴾ حتى سمعت أعرابيةً تقول لبنية لها: حوري حوري؛ أي: ارجعي. وحرْ إلى أهلك؛ أي: ارجع، ومنه الحديث: "نعوذ بالله من الحور بعد الكور"؛ أي: الرجوع عن حالة جميلة، والحواري: القصار؛ لرجعه الثياب إلى البياض، وفي "المختار": حار: رجع، وبابه: قال ودخل، والمصدر بوزن: قول، ودخول، يقال: حار حورًا وحؤرًا ومحارًا ومحارة. هذا وتأتي حار بمعنى: صار، فترفع الاسم وتنصب الخبر.
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦)﴾ هي الحمرة التي تشاهد في أفق المغرب بعد الغروب. وعبارة "القاموس": الشفق محركة: الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء الآخرة، أو إلى قربها، أو إلى قريب العتمة، وهذا هو الصحيح، ومنه قول الشاعر:
قُمْ يَا غُلَامُ أَعِنِّيْ غَيْرَ مُرْتَبِكٍ عَلَى الزَّمَانِ بِكَأْسٍ حَشْوُهَا شَفَقُ
﴿وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧)﴾؛ أي: جمع وضم، يقال: وسق فاتسق واستوسق، ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين لثلاثيه: اتسع واستوسع، وفي "القاموس": وسقه يسقه من باب ضرب: جمعه وحمله، ومنه: ﴿وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧)﴾، ومنه سمي الوسق وسقًا: لجمعه الصيعان.
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨)﴾؛ أي: اجتمع نوره واستوى ليلة أربع عشرة، وهو افتعل من الوسق، وهو الضم والجمع، كما تقدم، وأمر فلان متسق؛ أي: مجتمع على ما يسر، وأصله: إوتسق من الوسق، أبدلت الواو فاء الكلمة تاء، لمجيئها قبل تاء الافتعال، ثم أدغمت في تاء الافتعال، وإبل مستوسقة؛ أي: مجتمعة.
قال الشاعر:


الصفحة التالية
Icon