إِنَّ لَنَا قَلَائِصًا حَقائِقَا مُسْتَوْسِقَاتٍ لَمْ يَجِدْنَ سَائِقَا
﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾: لتلاقن، أصله: تركبونن، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ثم واو الجماعة لالتقاء الساكنين فصار: تركبن.
﴿طَبَقًا﴾ والطبق: الحال المطابقة لغيرها، قال الأقرع بن حابس:
إِنِّيْ امْرُؤٌ قَدْ حَلَبْتُ الدَّهْرَ اشْطُرَهُ وَسَاقَنِيْ طَبَقٌ مِنْهُ إِلَى طَبَقِ
والمراد: تركبن أحوالًا بعد أحوال هي: طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض، وهي الموت وما بعده.
﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (٢٣)﴾؛ أي: يجمعون في صدورهم من الإعراض والجحود والحسد والبغي، أصله: يوعيون بوزن يفعلون، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فلما سكنت التقى ساكنان؛ فحذفت الياء، ثم ضمت العين لمناسبة الواو، وحذفت همزة أفعل أيضًا، فوزنه: يفعون يقال: اْوعيت الشيء؛ أي: جعلته في وعاء؛ أي: ظرف، ثم استعير هو والوعي لمعنى الحفظ. كما مر.
﴿فَبَشِّرْهُمْ﴾: والبشارة: الإخبار بما يسر، واستعملت في العذاب تهكمًا.
﴿مَمْنُونٍ﴾؛ أي: مقطوع، من قولهم: منَّ فلان الحبل: إذا قطعه.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة المكنية في قوله: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٥)﴾ فقد شبهت حال السماء في انقيادها لتأثير قدرة الله تعالى، حيث أراد انشقاقها بانقياد المستمع المطواع للأمر، ثم حذف المشبه به، واستعير لفظ الإذن والاستماع المستعمل في غايته.
وقيل: فيه استعارة تمثيلية متفرعة على المجاز المرسل، يعني: إذا أطلق الإذن؛ وهو الاستماع في حق من له حاسة السمع، والاستماع بها يراد بها: الإجابة والانقياد مجازًا، وإذا أطلق في حق نحو السماء مما ليس في شأنه الاستماع والقبول يكون: استعارة تمثيلية.


الصفحة التالية
Icon