٢ - ﴿وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢)﴾؛ أي: الموعود به، ففيه الحذف والإيصال، وهو يوم القيامة، قال الواحدي: في قول جميع المفسرين: وهو يوم الفصل والجزاء الذي وعده الله تعالى به على ألسنة رسله، وهو يوم تفرد فيه ربنا بالملك والحكم، أقسم الله تعالى به تنبيهًا على عظم قدره وشأنه.
٣ - ﴿وَشَاهِدٍ﴾؛ أي: واْقسم بشاهد؛ أي: بكل حاضر. وشاهد يشهد في ذلك اليوم، الأولين والآخرين، والإنس والجن، والملائكة والأنبياء والمرسلين. ﴿وَمَشْهُودٍ﴾؛ أي: وبكل ما يشاهد ويرى في ذلك اليوم من العجائب، فالشاهد بمعنى الحاضر من الشهود، بمعنى: الحضور، لا بمعنى الشاهد الذي تثبت به الدعاوى والحقوق، وتنكيرهما للإبهام في الوصف؛ أي: وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما، وإلا فلا يقسم بنكرة؛ لأنه لا يدرى من هي، وكذا إذ لوحظ فيها معنى العموم اندرج فيها المعرفة، فحسن القسم بها. كذا في "البحر".
وقيل: المشهود: يوم الجمعة، والشاهد: من يحضره من المسلمين للصلاة ولذكر الله سبحانه. وفي الحديث: "ما طلعت شمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة، فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله فيها خيرًا إلا استجاب له، ولا يستعيذ من سوء إلا أعاذه منه". وفيه أيضًا: "أكثروا علىَّ من الصلاة يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة"، وقيل: المشهود: يوم عرفة، والشاهد: من يحضره من الحجاج، وحسن القسم بهما مع كونهما نكرةً تعظيمًا لأمر الحج وعددهم. وقيل: الشا هد: كل يوم، والمشهود: أهله، فيكون المشهود بمعنى المشهود عليه، والشاهد من الشهادة، كما قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما من يوم إلا وينادي: إني يوم جديد، وإني على ما يفعل فيَّ شهيد، فاغتنمني، فلو غابت شمس لم تدركني إلى يوم القيامة. وقيل: الشاهد: هو الله تعالى، لقوله: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾، وقيل: الشاهد: محمد - ﷺ -، لقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾. قال أبو حيان: وقد اختلف في تفسير الشاهد والمشهود على سبع وعشرين قولًا، ولكل قول مُمْتَسكٌ، والقول الظاهر المناسب لما قبله من تلك الأقوال: ما قلنا أولًا؛ أي: تفسير الشاهد بمن يشهد يوم القيامة، والمشهود بيوم القيامة لقوله تعالى: ﴿وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾. وقيل: المعنى: أقسم بجميع ما خلق الله سبحانه في هذا الكون مما يشهده الناس ويرونه رأي العين، فمنهم من يتدبر ويستفيد


الصفحة التالية
Icon