لم يحمل على هذا المعنى.. لم يظهر فائدة التوصيف، إذ من المعلوم أن النار لا تخلو من حطب.
وقرأ الجمهور (١): ﴿النَّارِ﴾ بالجر، وهو بدل اشتمال، أو بدل كل من كل على تقدير محذوف؛ أي: أخدود النار، وقرأ قوم: ﴿النارُ﴾ بالرفع، قيل: على معنى قتلهم، ويكون أصحاب الأخدود إذ ذاك المؤمنين، وقتل على حقيقته، وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو حيوة وعيسى: ﴿الوُقود﴾ بضم الواو، وهو مصدر، والجمهور: بفتحها، وهو ما يوقد به، وقد حكى سيبويه أنه بالفتح أيضًا مصدر كالضم
والمعنى: أن أصحاب الأخدود هم أصحاب النار التي لها من الحطب الكثير ما يشتد به لهيبها لا جرم يكون حريقها عظيمًا، ولهيبها متطايرًا.
٦ - وقوله: ﴿إذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦)﴾ ظرف (٢) لـ ﴿قُتِلَ﴾، والضمير لأصحاب الأخدود، وقعود: جمع قاعد؛ أي: لعنوا حين أحرقوا المؤمنين بالنار قاعدين حولها في مكان مشرف عليها من حافات الأخدود، ولفظ ﴿عَلَى﴾ مشعر بذلك، تقول: مررت عليه، تريد مستعليًا بمكان يقرب منه، وفي بعض التفاسير: على سرر وكراسي قعود عند النار، ولو قعدوا على نفس النار لاحترقوا، فالقاتلون كانوا جالسين في مكان مشرف أو نحوه، ويعرضون المؤمنين على النار، فمن كان يترك دينه تركوه، ومن كان يصر ألقوه في النار وأحرقوه، وكان - ﷺ - إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء، وهو الحالة التي يختار عليها الموت، أو كثرة العيال والفقر.. كما في "القاموس". والجهد بالفتح: المشقة، وجهد عيشه كفرح: نكد واشتد.
والمعنى (٣): أي قتلوا ولعنوا حين أحرقوا المؤمنين بالنار، وهم قاعدون حولها يشرفون عليهم، وهم يعذبون بها ويحرقون فيها،
٧ - كما أشار إلى ذلك بقوله: ﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧)﴾ جمع شاهد؛ أي: إن أولئك الجبابرة الذين أمروا بإحراق المؤمنين كانوا حضورًا عند تعذيبهم، يشاهدون ما يفعله بهم أتباعهم، فـ ﴿عَلَى﴾ بمعنى: مع، والتقدير: وهم مع ما يفعلون بالمؤمنين شهود؛ أي:
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.