التفسير وأوجه القراءة
١ - أقسم سبحانه وتعالى في بداية هذه السورة الكريمة بالسماء والطارق فقال: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)﴾ والسماء: كل ما علانا، فكأنه تبارك وتعالى أقسم بالعالم العلوي وما فيه، ثم خصص بعض ما في ذلك العالم السماوي، فأقسم بالطارق.
والطارق في الأصل (١): اسم فاعل من طرق طرقًا وطروقًا إذا جاء ليلًا. قال الماوردي: وأصل الطرق: الدق، ومنه سميت المطرقة؛ لأنه يطرق بها الحديد، وسمي الطريق؛ لأنه يضرب بالرجل، وسمي قاصد الليل طارقًا لاحتياجه إلى طرق الباب غالبًا؛ حيث إن الأبواب مغلقة في الليل، ثم اتسع في كل ما ظهر بالليل كائنًا ما كان، ثم اتسع في التوسع حتى أطلق على الصور الجالية البادية بالليل، والمراد هنا: الكوكب البادي بالليل.
قال الراغب: عبر عن النجم بالطارق؛ لاختصاص ظهوره بالليل.
قالت هند بنت عتبة يوم أحد:
نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقِ | نَمْشِيْ عَلَى النَّمَارِقِ |
يَا رَاقِدَ اللَّيْلِ مَسْرُوْرًا بِأَوَّلِهِ | إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا |
لَا تَفْرَحَنَّ بِلَيْلٍ طَابَ أَوَّلُهُ | فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارَا |
وقد أكثر سبحانه (٢) في القرآن الحلف بالسماء، وبالشمس، وبالقمر، وبالليل، لأن في أحوالها وأشكالها، وسيرها ومطالعها ومغاربها من عجائب وغرائب دلائل لمن يتدبر ويتفكر بأن لها خالقًا مدبرًا يقوم بشؤونها، ويحصي أمرها، لا يشركه سواه في هذا الإبداع والصنع.
وقد اختلف في الطارق (٣)، هل هو نجم معين، أو جنس النجم؟ فقيل: هو
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.