أبيض، فإذا امتلأت منه خرزات الصلب - وهو الفقار - طلب الخروج من مسلكه، وهو عرقان متصلان إلى الفرج، منهما ينزل المني، وفي "أسئلة الحكم": بين طريق البول وطريق المني جلد رقيق، يكاد لا يتشخص؛ كيلا يختلط المني بماء البول، فيفسد حرارة جوهره. انتهى.
وقرأ الجمهور (١): ﴿يَخْرُجُ﴾ مبنيًا للفاعل، وقرأ ابن أبي عبلة وابن مقسم مبنيًا للمفعول، وقرأ الجمهور: ﴿مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ﴾ بضم الصاد وسكون اللام، وقرأ ابن أبي عبلة وابن مقسم وأهل مكة وعيسى: بضم الصاد واللام، وقرأ اليماني: بفتحهما، ويقال: صالب بوزن قالب، ومنه قول العباس بن عبد المطلب في أبياته المشهورة التي مدح بها النبي - ﷺ -:
تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى الرَّحِمْ
وقد تقدمت اللغات في الصلب في سورة النساء عند تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ كما سيأتي بيانها أيضًا في مبحث التصريف، وقال في "الصحاح": التريبة واحدة الترائب، وهي عظام الصدر، قال أبو عبيدة: جمع التريبة: ترائب، والمعنى: أي خلق من ماء مدفوق يخرج من الظهر والترائب لكل من الرجل والمرأة، فهو إنما يكون مادة لخلق الإنسان إذا خرج من بين الرجل والمرأة، ووقع في رحم المرأة.
والخلاصة (٢): أن الولد يتكوَّن من مني مدفوق من الرجل، فيه جرثومة حية دقيقة لا ترى إلا بالآلة المكبرة (الميكرسكوب)، ولا تزال تجري حتى تصل إلى جرثومة نظيرتها من جراثيم المرأة، وهي البويضة، ومتى التقت الجرثومتان.. اتحدتا، وكونتا جرثومة الجنين.
٨ - والضمير في قوله: ﴿إِنَّهُ﴾ للخالق، فإن قوله: ﴿خُلِقَ﴾ يدل عليه؛ أي: إن الخالق الذي خلق الإنسان ابتداء مما ذكر ﴿عَلَى رَجْعِهِ﴾؛ أي: على إعادته بعد موته ﴿لَقَادِرٌ﴾؛ أي: لبين القدرة، بحيث لا يرى له عجز أصلًا، وتقديم (٣) الجار والمجرور على عامله، وهو ﴿لَقَادِرٌ﴾ للاهتمام به من حيث إن الكلام فيه بخصوصه،
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.