رضي الله عنهما: يبدي الله تعالى يوم القيامة كل سر، فيكون زينًا في وجوه، وشينًا في وجوه، يعني: من أدى الأمانات كان وجهه مشرقًا، ومن ضيعها كان وجهه أغبر أسود مظلمًا.
والمعنى (١): أي هو سبحانه قادر على أن يعيد الإنسان إلى الحياة في اليوم الذي تنكشف فيه السرائر، وتتضح الضمائر، ويتميز الطيب من الخبيث، فلا يبقى في سريرة سر، بل تنقلب كل خفية إلى الجهر، ولا يكون جدال ولا حجاج، ولا يبقى لذوي الأعمال إلا انتظار الجزاء على ما قدموا، فإما حلول في نعيم، وإما مصير إلى عذاب أليم
١٠ - ﴿فَمَا لَهُ﴾؛ أي: فما للإنسان، و ﴿ما﴾ نافية ﴿مِنْ قُوَّةٍ﴾ في نفسه يمتنع بها من العذاب الذي حل به ﴿وَلَا نَاصِرٍ﴾ من خارج ينتصر به؛ إذ كل نفس يومئذٍ رهينة بما كسبت، مشغولة بجزاء ما جرت عليه خيرًا كان أو شرًا، فالمراد (٢) بالقوة المنفية: هي القوة الثابتة له في نفسه، لا القوة مطلقًا، وإلا لم يبق للعطف فائدة؛ لأن القوة المستفادة من الغير قوة أيضًا، وقد نفيت أولًا، والقوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف، وفي "التعريفات": هي تمكن الحيوان من الأفعال الشاقة، ونصر المظلوم إعانته على الظالم، وخلاصه منه.
والحاصل: أن القوة التي يدافع بها الإنسان عن نفسه (٣)؛ إما من ذاته، وقد نفاها بقوله: ﴿فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ﴾ وإما من غيره، وقد نفاها بقوله: ﴿وَلَا نَاصِرٍ﴾؛ أي: فلا تكون لأحد قوة على الإفلات مما قدر له من جزاء عمله إن كان مسيئًا، ولا ناصر ينصره فيحميه مما حتم أن يقع عليه.
والخلاصة (٤): أي فما للإنسان من قوة في نفسه يمتنع بها من عذاب الله، ولا ناصر ينصره مما نزل به. قال عكرمة: هؤلاء الملوك ما لهم يوم القيامة من قوة ولا ناصر، قال سفيان: القوة: العشيرة، والناصر: الحليف، والأول أولى.
١١ - ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١)﴾: ﴿ذَاتِ﴾: مؤنث ذو، بمعنى: صاحب، والرجع: المطر، سمي رجعًا. لما أن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.
(٤) الشوكاني.