على الفاعل والمفعول، أو مجاز في الإسناد، فأسند إلى الماء ما لصاحبه مبالغةً، أو استعارة مكنية، أو تخييلية، أو مصرحة بجعله دافقًا؛ لأنه لتتابع قطراته كأنه يدفق بعضه بعضًا؛ أي: يدفعه، كما أشار إليه ابن عطية". اهـ "شهاب".
﴿مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ﴾ والصلب: الشديد من كل شيء، يقال: هو صلب في دينه، وراع صلب العصا: إذا كان يعنف الإبل، وهو عظم في الظهر ذو فقار يمتد من الكاهل إلى العجب، أو أسفل الظهر، ويجمع على أصلاب وأصلب وصلبة، وهو المراد هنا، ويقال: هو من صلب فلان، أي: من نسله وولده، وفيه أربع لغات: بضم الصاد، وسكون اللام، والصلب بفتحتين، والصلب بضمتين، وقد قرىء بها جميعًا، وثمة لغة رابعة وهي الصالب، بوزن: قالب.
وقوله: ﴿مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ﴾؛ أي: من بين أجزائه، لأن بين إنما تضاف لمتعدد، وفي "القرطبي" ما يقتضي أن لفظ ﴿بين﴾ زائدة، ونصه: والمعنى يخرج من الصلب والترائب، وحكى القرطبي: أن ماء الرجل ينزل من الدماغ إلى الصلب، ثم يجتمع في الأنثيين، وهذا لا يعارضه قوله تعالى: ﴿مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾؛ لأنه ينزل من الدماغ إلى الصلب، ثم يجتمع في الأنثيين. وقال ابن عادل: جاء في الحديث: "إن الولد يخلق من ماء الرجل، يخرج من صلبه العظم والعصب، ومن ماء المرأة، يخرج من ترائبها اللحم والدم".
﴿وَالتَّرَائِبِ﴾ الترائب: عظام الصدر حيث تكون القلادة، وفي "المختار" والترائب: جمع تريبة، كصحيفة وصحائف. قال امرؤ القيس:
مُهَفْهَفَةٍ بَيْضَاءً غَيْرِ مُفَاضَةٍ | تَرَائِبُهَا مَصْقُوْلَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ |
وَمِنْ ذَهبٍ يَلُوْحُ عَلَى تَرِيْبٍ | كَلَوْن الْعَاجِ لَيْس بِذِيْ غُضُوْنِ |
﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)﴾ أصل ﴿تُبْلَى﴾: تبلي بوزن تفعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.