التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿وَالْفَجْرِ (١)﴾؛ أي: أقسمت بالفجر، وهو: صبح النهار، أقسم الله به لحصول انتشار الناس وسائر الحيوانات به في طلب الرزق، فهو مشاكل لنشور الموتى من قبورهم، وفيه عبرة لمن تأمل، وجواب هذا (١) القسم وما بعده هو قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ كذا قال ابن الأنباري، وقيل: محذوف لدلالة السياق عليه؛ أي: ليجازين كل أحد بما عمل أو ليعذبن. قال في "كشف الأسرار": لما كان العرب أكثر خلق الله قسمًا في كلامهم.. جاء القرآن على عادتهم في القسم، والفجر فجران: مستطيل: كذنب السرحان، وهو الكاذب، ولا يتعلق به حكم، ومستطير: وهو الصادق الذي يتعلق به الصوم والصلاة.
أقسم (٢) الله سبحانه بالفجر الذي هو أول وقت ظهور ضوء الشمس في جانب المشرق، كما أقسم بالصبح؛ حيث قال: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ لما يحصل به من انقضاء الليل بظهور الضوء، وانتشار الناس وسائر الحيوانات من الطيور والوحوش في طلب الأرزق، وذلك مشاكل لنشور الموتى، وفيه عبرة عظيمة لمن تأمل.
واختلف (٣) في الفجر الذي أقسم الله به هنا، فقيل: هو الوقت المعروف من كل يوم، لا فجر يوم مخصوص، وسمي فجرًا؛ لأنه وقت انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم، وقال قتادة: إنه فجر أول يوم من شهر محرم؛ لأن منه تتفجر السنة، وقال مجاهد: يريد فجر يوم النحر؛ لأنه يوم عظيم يقع فيه الطواف المفروض والحلق والرمي، ويروى: أن يوم النحر يوم الحج الأكبر، وقال الضحاك: فجر عشر ذي الحجة، لأن الله قرن الأيام به، فقال: ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)﴾؛ أي: ليال عشر من ذي الحجة، وبه قال السدي والكلبي، وقيل: فجر يوم عرفة؛ لأنه يوم شريف أيضًا، يتوجه فيه الحجاج إلى جبل عرفات، وفي الحديث: "الحج عرفة"، وقيل: المعنى: أقسم بصلاة الفجر، قيل: أقسم برب الفجر، والأول أولى، وهو (٤) الظاهر، وقول الجمهور منهم علي وابن عباس وابن الزبير.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٤) البحر المحيط.