والمعنى (١): أي ألم تعلم أيها المخاطب، أو يا محمد، كيف أهلك ربك عادًا الأولى الذين كانوا أشد الناس أجسامًا؛ وأطولهم قامة، وأرفعهم مكانةً، والذين لم يخلق في البلاد كلها مدينة كمدينتهم.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿بِعَادٍ﴾ بالتنوين مصروفًا، وقرؤوا: ﴿إِرَمَ﴾ بكسر الهمزة، وفتح الراء والميم ممنوع الصرف للتأنيث والعلمية، لأنه اسم للقبيلة، وعاد وإنْ كان اسم القبيلة فقد يلحظ فيه معنى الحي، فيصرف، أو لا يلحظ، فجاء على لغة من صرف هندًا، و ﴿إِرَمَ﴾: عطف بيان أو بدل منه، وقرأ الحسن وأبو العالية: بإضافة عاد إلى ﴿إرم﴾، وقرأ الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك: ﴿أرم﴾ بفتح الهمزة والراء، وقرأ ابن الزبير: ﴿بعاد﴾ بالإضافة ﴿أرم﴾ بفتح الهمزة، وكسر الراء، وهي لغة في المدينة، وقرأ الضحاك: ﴿بِعَادٍ﴾ مصروفًا، و ﴿بعاد﴾ غير مصروف أيضًا ﴿أرم﴾ بفتح الهمزة وسكون الراء تخفيف ﴿أرم﴾ بكسر الراء، وعن ابن عباس: ﴿أرم﴾: فعلًا ماضيًا. ﴿ذاتَ العمادِ﴾ بنصب التاء على المفعول به.
والمعنى: جعل الله ذات العماد رميمًا، ويكون أرم بدلًا من ﴿فَعَلَ رَبُّكَ﴾، يقال: رم العظم إذا بلي، وأرم هو: أي: بلي، وأرمه غيره معدى بالهمزة من: رم الثلاثي، وقرأ أبي: ﴿التي لم يخلق مثلهم في البلاد﴾، وقرأ ابن الزبير: ﴿لم يخلق مثلها﴾ بالبناء للفاعل: أي: لم يخلق الله سبحانه مثل إرم، وقرأ الجمهور: ﴿لَمْ يُخْلَقْ﴾ بالبناء للمفعول، و ﴿مثلُها﴾ بالرفع، وروي عن ابن الزبير: ﴿نخلق﴾ بالنون.
٩ - ثم عطف سبحانه القبيلة الآخرة، وهي: ثمود على قبيلة عاد، فقال: ﴿وَثَمُودَ﴾ عطف على ﴿عاد﴾ قبيلة مشهورة سموا باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عامر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام. وكانوا عربًا من العاربة، يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك، وكانوا يعبدون الأصنام كعاد، وهم قوم صالح عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾.
﴿الَّذِينَ جَابُوا﴾؛ أي: خرقوا وقطعوا ﴿الصَّخْرَ﴾؛ أي: الصخور والأحجار الكبار، ونحتوها وبنوها بيوتًا ﴿بِالْوَادِ﴾، أي: في وادي القرى بالقرب من المدينة

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط والشوكاني.


الصفحة التالية
Icon