ويجوز أن يكون صيغة مبالغة، كالمطعان لكثير الطعن.
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ﴾؛ أي: اختبره ببسط الرزق، أصله: ابتليه بوزن افتعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.
﴿فَأَكْرَمَهُ﴾؛ أي: صير مكرمًا يرفل في بحبوحة النعيم.
﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ﴾؛ أي: اختبره بتضييق الرزق عليه. ﴿فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾؛ أي: صيره فقيرًا مقترًا عليه في الرزق، تقول: قدرت عليه الشيء؛ أي: ضيقته عليه، وكأنك جعلته بقدر لا يتجاوزه. ﴿أَهَانَنِ﴾ أصله: أهوَيُ، بوزن: أفعل، نقلت حركة الواو إلى الهاء فسكنت، فقلبت ألفًا لتحركها في الأصل، وفتح ما قبلها الآن.
﴿وَلَا تَحَاضُّونَ﴾ أصله: تتحاضضون بوزن: تتفاعلون، حذفت إحدى التاءين للتخفيف، وأدغمت الضاد في الضاد، فصار تحاضون. وقرأ غير الكوفيين: ﴿تحضون﴾ بضم الحاء وأصله: تحضضون بوزن: تفعلون بمعنى: تحاضون المتقدم، نقلت حركة الضاد الأولى إلى الحاء، ثم أدغمت لما سكنت في الضاد الثانية من الحض، وهو الحث والتحريض. ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ﴾ التراث: بوزن فعال الميراث، وأصله: وراث كتجاه في وجاه، قلبت واوه تاءً، والميراث: هو المال المنتقل من الميت. ﴿أَكْلًا لَمًّا﴾ واللم: الجمع، يقال؛ كتيبة ملمومة؛ أي: مجتمعة بعضها إلى بعض، وفي "المختار": ﴿أَكْلًا لَمًّا﴾ فعله من باب رد، يقال: لم الله شعثه؛ أي: أصلح وجمع ما تفرق من أمره، وقال أبو عبيدة: لممت ما على الخوان: إذا أكلت جميع ما عليه بأسره. ﴿حُبًّا جَمًّا﴾ الجم: الكثير، يقال: جم الماء في الحوض إذا اجتمع فيه وكثر. قال الشاعر:

إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا
﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١)﴾ الدك: الدق، يقال: دككت الشيء أدكه دكًا: إذا ضربته وكسرته حتى سويته بالأرض، وقال الخليل: الدك: كسر الحائط والجبل وتسويته بالأرض، ومنه: اندك سنام البعير: إذا انغرس في ظهره ﴿دَكًّا دَكًّا﴾؛ أي: دكًا بعد دك؛ أي: كرر عليها الدك، وتتابع حتى صارت كالصخرة الملساء. ﴿صَفًّا صَفًّا﴾؛ أي: صفًا بعد صف، بحسب منازلهم ومراتبهم في الفضل.


الصفحة التالية
Icon