حاتم. قال أبو عمرو بن العلاء: الناخرة: التي لم تنخر بعد، أي: لم تبل، ولا بد أن تنخر، وقيل: هما بمعنى، تقول العرب: نخر الشيء فهو ناخر ونخر، وطمع فهو طامحٍ وطمع، ونحو ذلك. قال الأخفش: هما جميعًا لغتان، أيهما قرأت فحسن، وقرأ نافع (١) وابن عامر والكسائي: ﴿إذا كنا﴾ على الخبر. وقرأ الجمهور: ﴿أَإِذَا كُنَّا﴾ على الاستفهام، والمعنى: أي: أنرد إلى الحياة بعد أن نصير عظامًا بالية، لو لمست.. لتفتتت.
٣ - ١٢ ﴿قَالُوا﴾ اختيار (٢) صيغة الماضي هنا للإيذان بأن صدور هذا الكفر منم ليس بطريق الاستمرار، مثل كفرهم السابق المعبر عنه بالمضارع؛ أي: قالوا بطريق الاستهزاء بالحشر، ﴿تِلْكَ﴾ الردة والرجعة في الحافرة، وفيه إشعار بغاية بُعدها من الوقوع في اعتقادهم ﴿إِذًا﴾؛ أي: إن رددنا إلى الحالة الأولى، وصح ذلك ﴿كَرَّةٌ﴾ الكر: الرجوع، والكرة: المرة من الرجوع، والجمع: كرات. ﴿خَاسِرَةٌ﴾؛ أي: ذات خسران على إرادة النسبة من اسم الفاعل؛ أي: رجعة ذات خسران لما يقع على أصحابها من الخسران، أو خاسرة أصحابا على الإسناد المجازي؛ أي: على طريق إسناد الفعل إلى ما يقاربه في الوجود، كقوله: تجارة رابحة، والربح: فعل أصحاب التجارة، وهي عقد المبادلة، والربح والتجارة متقاربان في الوجود وإلا فهم الخاسرون، والكرة مخسور فيها؛ أي: إن صحت تلك الكرة.. فنحن إذًا خاسرون لتكذيبنا بها، وهذا المعنى أفاده كلمة ﴿إِذًا﴾، فإنها حرف جواب وجزاء عند الجمهور، وإنما حمل قولهم هذا على الاستهزاء؛ لأنهم أبرزوا ما قطعوا بانتفائه واستحالته في صورة المشكوك المحتمل الوقوع.
والمعنى (٣): أي إن صح ما قلتم من البعث يوم القيامة بعد أن نصير عظامًا نخرةً.. فنحن إذًا خاسرون؛ لأنا كذبنا به، ولم نأخذ العدة له، فيا ويلنا في هذا اليوم، وهذا منهم استهزاء وتهكم اعتقادًا منهم أن ذلك لن يكون، وقيل: معنى ﴿خَاسِرَةٌ﴾: كاذبة؛ أي: ليست بكائنة، كذا قال الحسن وغيره. وقال الربيع بن أنس: ﴿خَاسِرَةٌ﴾ على من كذب بها.
وقال قتادة ومحمد بن كعب: أي لئن رجعنا بعد الموت.. لنخسرن بالنار،
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.