بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)﴾.المناسبة
قد تقدم بيان مناسبة هذه السورة لما قبلها آنفًا، وأما قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥)﴾ إلى آخر السورة، مناسبته لما قبله: أن الله سبحانه وتعالى لما أبان بعض نعمه على رسوله من شرح الصدر ووضع الوزر، ورفع الذكر بعد استحكام الكرب وضيق الأمر.. ذكر أن ذلك قد وقع على ما جرت به سنته في خلقه من إحداث اليسر بعد العسر، وأكد هذا بإعادة القضية نفسها مؤكدة؛ لقصد تقريرها في النفوس، وتمكينها في القلوب.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ ونوسع ﴿لَكَ﴾ يا محمد ﴿صَدْرَكَ﴾ وقلبك لحمل أعباء النبوة وحفظ الوحي؛ أي: قد شرحنا صدرك يا محمد لحفظ الوحي وتبليغ الرسالة، فالهمزة للاستفهام التقريري؛ لأن (١) نفي النفي إثبات؛ أي: عدم شرحنا لك صدرك منفي، بل قد شرحنا لك صدرك ووسَّعناه لأعباء الرسالة حتى اتصف بمَلَكَتَيْ الاستفادة والإفادة، فما صَدَّك الملابسةُ بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملكات الروحانية، وما عاقك التعلق بمصالح الخلق عن الاستغراق في شؤون الحق؛ أي: لم تحتجب، لا بالحق عن الخلق، ولا بالخلق عن الحق، قال الراغب: الشرح بسط اللحم ونحوه، يقال: شرحت اللحم إذا بسطته، وفصلت بعضه عن بعض، ومنه شرح الصدر بنور إلهي وسكينة من جهة الله تعالى، ورَوْح منه، وشرح المشكل من الكلام بسطه وإظهار ما يخفى من معانيه. انتهى.
(١) روح البيان.