بنصب يشاور، وهذا محتمل للتخريجين، وهو أحسن مما تقدم اهـ من "البحر" بتصرف.
وعلى كل حال، فقراءة هذا الرجل مع شدة جوره ومزيد ظلمه، وكثرة جبروته، وقلة علمه ليست بحقيقة بالاشتغال بها.
ومعنى الآية: أي إنا (١) شرحنا لك صدرك، فأخرجناك من الحَيرة التي كنت تضيق بها ذرعًا بما كنت تلاقي من عناد قومك، واستكبارهم عن اتباع الحق، وكنت تتلمس الطريق لهدايتهم، فهُديت إلى الوسيلة التي تنقذهم بها من التهلكة، وتجنبهم الردى الذي كانوا مشرفين عليه.
وقصارى ذلك: أنا أذهبنا عن نفسك جميع الهموم حتى لا تقلق ولا تضجر، وجعلناك راضي النفس مطمئن الخاطر واثقًا من تأييد الله ونصره، عالمًا كل العلم أن الذي أرسلك لا يخذلك ولا يعين عليك عدوًا،
٢ - وقوله: ﴿وَوَضَعْنَا﴾؛ أي: حططنا وأسقطنا ﴿عَنْكَ﴾ يا محمد ﴿وِزْرَكَ﴾؛ أي: حملك الثقيل، معطوف على ما تقدم، لا على لفظه؛ أي: شرحنا لك صدرك ووضعنا عنك وزرك، نظير قول جرير يمدح عبد الملك بن مروان:

أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَأَنْدَى الْعَالَمِيْنَ بُطُوْنَ رَاحِ
أي: أنتم خير من ركب المطايا وأندى الخ، والوزر (٢): الذنب؛ أي: وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية، قال الحسن وقتادة والضحاك ومقاتل: المعنى: حططنا عنك الذي سلف منك في الجاهلية، وهذا كقوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾.
وقوله: ﴿عَنْكَ﴾ متعلق بـ ﴿وضعنا﴾، وتقديمه على المفعول الصريح؛ للقصد إلى تعجيل المسرة، والتشويق إلى المتأخر، وقد يُجعل قوله: ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢)﴾ كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس، عبر عن ذلك بالحط على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك، فيكون كقول القائل: رفعنا عنك مشفة الزيارة لمن لم يصدر عنه زيارة قط، على سبيل المبالغة في انتفاء الزيارة منه له،
٣ - ثم وصف هذا
(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon