على الجودي، والزيتون مسجد بيت المقدس، وقال الضحاك: ﴿وَالتِّينِ﴾: المسجد الحرام، و ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾: المسجد الأقصى، وقال ابن زيد: و ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾: مسجد بيت المقدس، وقال قتادة: ﴿وَالتِّينِ﴾: الجبل الذي عليه دمشق، و ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾: الجبل الذي عليه بيت المقدس، وقال محمد بن كعب: ﴿وَالتِّين﴾ مسجد أصحاب الكهف، ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾: إلياء، وقال كعب الأحبار وقتادة أيضًا، وعكرمة وابن زيد أيضًا: ﴿وَالتِّينِ﴾: دمشق، و ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾: بيت المقدس، وهذا اختيار الطبري، قال الشوكاني (١): وليت شعري ما الحامل لهؤلاء الأئمة على العدول عن المعنى الحقيقي في اللغة العربية، والعدول إلى هذه التفسيرات البعيدة عن المعنى الحقيقي المبنية على الخيالات التي لا ترجع إلى عقل، ولا إلى نقل؟ وأعجب من هذا اختيار ابن جرير للآخِر منها مع طول باعه في علم الرواية والدراية، وقال الفراء: سمعت رجلًا من أهل الشام يقول ﴿وَالتِّينِ﴾: جبال ما بين حلوان إلى همدان، و ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾: جبال الشام، وقيل: هما جبلان بالشام، يقال لهما: طور تينا، وطور زيتا بالسريانية، سميا بذلك؛ لأنهما ينبتان بهما اهـ "قرطبي"، وقيل: إنه على حذف مضاف؛ أي: وأقسم بمنابت التين والزيتون، قال النحاس: لا دليل على هذا من ظاهر التنزيل، ولا من قول من لا يحوز خلافة.
وعبارة "المراغي" هنا: ﴿وَالتِّينِ﴾ أي: أقسم (٢) بعصر آدم أبي البشر الأول، وهو العهد الذي طلق فيه آدم وزوجه يخصفان عليهما من ورق الجنة. ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾؛أي: وأقسم بالزيتون عصر نوح عليه السلام وذريته حينما أهلك الله من أهلك بالطوفان، وبعد أن بلغت الأرض الماء جاءته بعض الطيور حاملة ورقة من هذا الشجر فاستبشر، وعلم أن غضب الله قد سكت، وأذن للأرض أن تبتلع ماءها لتُعمر، ويسكنها الناس، ثم أرسى السفينة ونزل هو وأولاده، وعمروا الأرض.
وقصارى ذلك: أن التين والزيتون يذكران بهذين العصرين عصر آدم أبى البشر الأول، وعصر نوح أبي البشر الثاني. انتهى.
٢ - ﴿وَطُورِ سِينِينَ (٢)﴾؛ أي: وأقسم بجبل طور سينين، وهو (٣) الجبل الذي ناجى عليه موسى عليه السلام ربه عزّ وجل، قال الماوردي: ليس كل جبل يقال له طور
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.