إلا أن يكون فيه الأشجار والثمار، وإلا فهو جبل فقط، وسينين وسيناء عَلَمان للموضع الذي هو فيه، ولذلك أضيف إليهما، ومعنى ﴿سِينِينَ﴾: بالسريانية ذو الشجر، من حسن مبارك بلغة الحبشة، وقال مجاهد والكلبي: ﴿سِينِينَ﴾: كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين، وسيناء بلغة النبط، قال الأخفش: ﴿وَالتِّينِ﴾ جبل، و ﴿سِينِينَ﴾: شجر، واحدته: سينينة، وهو غريب جدًّا غير معروف عند أهل الصرف، قال أبو علي الفارسي: ﴿سِينِينَ﴾: فعليل، فكررت اللام التي هي نون فيه، ولم ينصرف ﴿سِينِينَ﴾ كما لم ينصرف سيناء؛ لأنه جُعل اسمًا للبقعة.
وفي "كشف الأسرار": أصل ﴿سِينِينَ﴾ سيناء بفتح السين وكسرها، وإنما قال هنا: ﴿سينين﴾؛ لأن تاج الآيات النون، كما قال في سورة الصافات: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (١٣٠)﴾، وهو إلياس، فخُرّج على تاج آيات السورة، وإنما أقسم سبحانه بهذا الجبل؛ لأنه بالشام وهي الأرض المقدسة، كما في قوله: ﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ وأعظم بركة حلت به ووقعت عليه تكليم الله سبحانه لموسى عليه السلام، وقرأ الجمهور: ﴿سِينِينَ﴾ بكسر السين، وقرأ ابن أبي إسحاق وعمرو بن ميمون وأبو رجاء بفتحها، وهي لغة بكر وتميم، وقال الزمخشري: ونحو سينون بيرون في جواز الإعراب بالواو والياء، والإقرار على الياء وتحريك النون بحركات الإعراب. انتهى.
وقرأ عمر بن الخطاب وابن مسعود والحسن وطلحة: ﴿سيناء﴾ بكسر السين والمد، وعمر أيضًا وزيد بن علي: بفتحها، والمد وهو لفظ سرياني اختلفت بها لغات العرب.
والإقسام (١) به تذكير بما كان عند ذلك الجبل من الآيات الباهرات التي ظهرت لموسى وقومه، وما كان بعد ذلك من إنزال التوراة عليه، وظهور نور التوحيد بعد أن تدنست جوانب الأرض بالوثنية، وما زال الأنبياء بعده يدعون أقوامهم إلى التمسك بهذه الشريعة، ثم عرضت لها البدع، فجاء عيسى مخلصًا لها مما أصابها،
٣ - ثم أصاب قومه ما أصاب الأمم قبلهم من الاختلاف في الدين حتى من الله على الناس بعهد النور المحمدي، وإليه الإشارة بقوله: ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)﴾؛