الرب من معنى الذي رباك، ونظر في مصلحتك، وجاء الخطاب؛ ليدل على الاختصاص والتأنيس؛ أي: ليس لك رب غيره.
وقرأ الجمهور (١): ﴿اقْرَأْ﴾ بهمزة ساكنة أمرًا من القراءة، وقرأ الأعشى عن أبي بكر عن عاصم بحذفها، كأنه على قول من يبدل الهمزة بمناسب حركتها، فيقول: قرأ يقرأ كسعى يسعى، فلما أمر منه قيل: اقْرَ بحذف الألف، كما تقول: اسع، وفي كتاب "شمس المعارف": أول آية نزلت على وجه الأرض: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يعني: على آدم الصفي عليه السلام، فقال آدم: الآن علمت أن ذريتي لا تُعذب بالنار ما دامت عليها، ثم أنزلت على إبراهيم عليه السلام في المنجنيق، فأنجاه الله تعالى بها من النار، ثم على موسى عليه السلام فقهر بها فرعون وجنوده، ثم على سليمان عليه السلام، فقالت الملائكة: الآن والله قد تم ملكك. فهي آية الرحمة والأمان لرسله وأممهم، ولما نزلت على رسول الله - ﷺ - في سورة النمل: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)﴾ كانت فتحًا عظيمًا، فأمر رسول الله، فكُتبت على رؤوس السور وظهور الدفاتر وأوائل الرسالة، وحلف رب العزة بعزته أن لا يسميه عبد مؤمن على شيء إلا بورك له فيه، وكانت لقائلها حجابًا من النار، وهي تسعة عشر حرفًا تدفع تسع عشرة زبانية، وفي الخبر النبوي: "لو وُضعت السموات والأرضون وما فيهن وما بينهن في كفة، والبسملة في كفة لرجحت عليها" يعني البسملة.
وقال بعضهم: ﴿الباء﴾ في باسم الله بره تعالى على المؤمنين بأنواع الكرامات في الدارين، والسين كونه سميعًا لدعاء الخلق جميعًا، والميم معناه من العرش إلى تحت الثرى مِلكه ومُلكه.
﴿الَّذِي خَلَقَ﴾؛ أي: اتصف بالخلق والإيجاد للمخلوقات، من خلق الخلائق، من كل شيء وصف الرب به، لتذكير أول النعماء الفائضة عليه منه تعالى، والتنبيه على أن من قدر على خلق الإنسان على ما هو عليه من الحياة، وما يتبعها من الكمالات العلمية والعملية من مادة لم تشم رائحة الحياة فضلًا من سائر الكمالات.. قادر على تعليم القراءة للحي العالم المتكلم.