اللغة في شيء، وذكر وجوهًا أخر، قال: والمختار هو الأول،
٢ - ثم فسر البينة، فقال: ﴿رَسُولٌ﴾ بدل اشتمال من ﴿الْبَيِّنَةُ﴾، عبر عنه - ﷺ - بها، للإيذان بغاية ظهور أمره، وكونه ذلك الموعود في الكتابين؛ أي: تلك البينة: رسول كائن ﴿مِنَ اللَّه﴾ سبحانه وتعالى متعلق بمحذوف صفة لـ ﴿رَسُولٌ﴾، مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية؛ أي: رسول؛ أي: رسول كائن منه تعالى. ﴿يَتْلُو﴾ صفة آخرى لـ ﴿رَسُولٌ﴾؛ أي: يقرأ ذلك الرسول - ﷺ - ﴿صُحُفًا﴾؛ أي: كتبًا يريد ما تضمنه المصحف من الآيات المكتوبة فيه، وهو القرآن؛ لأنه - ﷺ - كان يقرأ عن ظهر قلبه، لا عن كتاب لكونه أميًا، لكنه لما تلا ما في الصحف كان كالتالي لها، وقيل المراد: جبريل، قاله البيضاوي. جمع صحيفة، وهي ظرف المكتوب، ومحله من الأوراق. ﴿مُطَهَّرَةً﴾؛ أي: منزهة من الباطل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن أن يمسه غير المطهرين، وفي "الروح": ونسبة التلاوة إلى الصحف، وهي القراطيس مجازية هي مجاز عما فيها بعلاقة الحلول، والمراد أنه لما كان ما يتلوه الذي هو القرآن مصدقًا لصحف الأولين مطابقًا لها في أصول الشرائع والأحكام.. صار متلوه كأنه صحف الأولين وكتبهم، فعبر عنه باسم الصحف مجازًا، وعبارة أبي حيان: ﴿يَتْلُو صُحُفًا﴾؛ أي: قراطيس ﴿مُطَهَّرَةً﴾ من الباطل، ﴿فِيهَا كُتُبٌ﴾؛ أي: مكتوبات ﴿قَيِّمَةٌ﴾؛ أي: مستقيمة ناطقة بالحق.
وقرأ الجمهور (١): ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾ وقرأ ابن مسعود ﴿لم يكن المشركين وأهل الكتاب﴾ قال ابن العربي هي قراءة في معرض البيان لا في معرض التلاوة، وقرأ الأعمش والنخعي؛ ﴿والمشركون﴾ - بالرفع - عطفًا على الموصول، وقرأ أبي: ﴿فما كان الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركون﴾ وقرأ الجمهور: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ﴾ برفع ﴿رَسُولٌ﴾ على أنه بدل اشتمال، أو بدل كل من كل مبالغة، قال الزجاج: ﴿رَسُولٌ﴾ رُفع على البدل من ﴿الْبَيِّنَةُ﴾، وقال الفراء: رُفع على أنه خبر مبتدأ مضمر؛ أي: هي رسول، أو هو رسول، وقرأ أبي وابن مسعود: ﴿رسولًا﴾ - بالنصب - على القطع، وقوله: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ متعلق بمحذوف صفة لـ ﴿رَسُولٌ﴾ كما مر، ويجوز تعلقه بنفس ﴿رَسُولٌ﴾.