المعروف، فعليك بالعبادة للمعبود، وبالعرفان للمعروف، وإياك أن تلاحظ شيئًا غير الله تعالى.
وقرأ الجمهور: ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ﴾، وقرأ عبد الله: ﴿إلا أن يعبدوا الله﴾ بإبدال اللام بأن، وقوله: ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ حال من الفاعل في ﴿لِيَعْبُدُوا﴾؛ أي: وما أمروا إلا بأن يعبدوا الله سبحانه حال كونهم جاعلين دينهم وعملهم خالصًا له تعالى، من جاعلين أنفسهم خالصة له تعالى في الدين والعمل.
وقرأ الجمهور (١): ﴿مُخْلِصِينَ﴾ - بكسر اللام - و ﴿الدِّينَ﴾ منصوب به، وقرأ الحسن: بفتحها؛ أي: يخلصون هم أنفسهم في نياتهم، وانتصب ﴿الدِّينَ﴾ إما على المصدر من ﴿لِيَعْبُدُوا﴾؛ أي: ليَدِينوا الله بالعبادة الدين، وإما على إسقاط الخافض؛ أي: في الدين.
والإخلاص (٢): أن لا يطلع على عملك إلا الله، ولا تطلب منه ثوابًا اهـ "كرخي". وقال الشهاب: الإخلاص: عدم الشرك، وأنه ليس بمعنى الإخلاص المتعارف اهـ. وفي "الروح": الإخلاص (٣): أن يأتي بالفعل خالصًا لداعية واحدة، ولا يكون لغيرها من الدواعي تأثير في الدعاء إلى ذلك الفعل، فالعبادة لجلب المنفعة أو لدفع المضرة ليست من قبيل الإخلاص، فالإخلاص في العبودية تجريد السر عما سوى الله تعالى وقال بعضهم: الإخلاص: أن لا يطلع على عملك إلا الله، ولا ترى نفسك فيه، وتعلم أن المنة لله عليك في ذلك حيث أهَّلك لعبادته ووفقك لها، ولا تطلب من الله أجرًا وعوضًا.
وقوله: ﴿حُنَفَاءَ﴾؛ أي: مائلين من جميع العقائد الزائغة إلى الإِسلام، وهو في المعنى تأكيد للإخلاص؛ إذ هو الميل عن الاعتقاد الفاسد، وأكبره اعتقاد الشركة، وأصل الحَنَف: الميل وانقلاب ظهر القدم حتى يصير بطنًا، فالأحنف هو الذي يمشي على ظهر قدميه في شقها الذي يلي خنصرها، ويجيء الحنف بمعنى الاستقامة، فمعنى حنفاء: مستقيمين، فعلى هذا إنما سمي مائل القدم أحنف على سبيل التفاؤل، كقولك للأعمى بصير، وللحبشي كافور، وللطاعون مبارك، وللمهلكة
(٢) الفتوحات.
(٣) روح البيان.