موصولة بواو، وباقي السبعة بإشباع الأولى وسكون الثانية، وفي هذا النقل نظر، والصواب ما ذكرنا. والإسكان في الوصل لغة حكاها الأخفش ولم يحكها سيبويه، وحكاها الكسائي أيضًا عن بني كلاب وبني عقيل. وعبارة أبي حيان: وقرأ عكرمة (١): ﴿يراه﴾ بالألف في الموضعين، وذلك على لغة من يرى الجزم بحذف الحركة المقدرة في حروف العلة، حكاه الأخفش، أو على توهم أن ﴿مَن﴾ موصولة لا شرطية، كما قيل في ﴿إِنه من يتقي ويصبر﴾ في قراءة من أثبت ياء يتقي وجزم يصبر، توهم أن ﴿مَن﴾ شرطية لا موصولة، وجزم ﴿ويصبر﴾ عطفًا على التوهم.
والرؤية هتا رؤية بصر كما مر وقال النقاش: ليست برؤية بصر، وإنما المعنى: يصيبه ويناله، انتهت.
وحاصل المعنى (٢): أي فمن يعمل من الخير أدنى عمل وأصغره. فإنه يجد جزاءه، ومن يعمل الشر ولو قليلًا.. يجد جزاءه، ولا فرق بين المؤمن والكافر، وحسنات الكافرين لا تخلصهم من عذاب الكفر، فهم به خالدون في الشقاء وما نطق من الآيات بحبوط عمل الكافرين وأنها لا تنفعهم.. فالمراد به أنها لا تنجيهم من عذاب الكفر وإن خففت عنهم بعض العذاب الذي كان يرتقبهم من السيئات الأخرى أما عذاب الكفر فلا يخفف عنهم منه شيء، يرشد إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)﴾ فقوله: ﴿فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ صريح في أن المؤمن والكافر في ذلك سواء، وأن كلًّا يوفَّى يوم القيامة جزاءه، وقد ورد: أن حاتمًا يخفف عنه لكرمه، وأن أبا لهب يخفف عنه لسروره بولادة النبي - ﷺ -، هذا تلخيص ما قاله الأستاذ الإِمام في تفسير الآية.
وقيل في معنى ﴿يَرَهُ﴾؛ أي: يرى جزاء عمله ولا يرى العمل نفسه؛ لأن ما عمله قد مضى وعُدِم فلا يرى، وأنشدوا:

إِنَّ مَنْ يَعْتَدِي وَيَكْسِبُ إِثْمًا وَزْنَ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ سَيَرَاهُ
وَيُجَازَى بِفِعْلِهِ الشَرَّ شَرًّا وَبِفِعْلِ الْجَمِيْلِ أيْضًا جَزَاهُ
(١) المراغي.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon