بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)﴾.
أسباب النزول
سبب نزول هذه السورة: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي بريدة قال: نزلت ألهاكم التكاثر في قبيلتين من الأنصار؛ وهما: بنو حارثة، وبنو الحارث، تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما: أفيكم مثل فلان وفلان، وقالت الأخرى: مثل ذلك تفاخروا بالأحياء، ثم قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول: أفيكم مثل ذلك وتشير إلى القبر ومثل فلان، وفعل الآخرون مثل ذلك، فأنزل الله تعالى هذه السورة، وقيل غير ذلك.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)﴾ أي: شغلكم التكاثر بالأموال والأولاد والتفاخر بكثرتها والتغالب فيها يقال: ألهاه عن كذا، وألهاه إذا شغله، ومنه قول امرىء القيس:
فَمِثْلَكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِيْ تَمَائِمَ مُحْوِلِ
يقال (١): لهوت بكذا، ولهوت عن كذا؛ أي: اشتغلت عنه بلهو، واللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه، ويعبر به عن كل ما به استمتاع، ويقال: ألهى عن كذا؛ أي: شغل عما هو أهم، والتكاثر التباري في الكثرة والتباهي بها، وأن يقول هؤلاء: نحن أكثر، وهؤلاء: نحن أكثر، والمعنى: شغلكم عن الآخرة التغالب في الكثرة والتفاخر بها. قال الحسن: معنى ألهاكم: أنساكم
٢ - ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)﴾؛ أي: حتى أدرككم الموت وأنتم على تلك الحال ولحقتم بالقبور، وقال قتادة: إن
(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon