وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله، ما أحدٌ اليومَ أكرمَ أضيافًا منى قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا وأخذ المدينة، فقال له رسول الله - ﷺ -: "إياك والحلوب" فذبح لهم شاة، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق وشربوا، فلما شبعوا ورووا.. قال رسول الله - ﷺ - لأبي بكر وعمر: "والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم" وأخرجه الترمذي بأطول من هذا، وقال فيه: "والذي نفسي بيده من النعيم الذي تُسألون عنه يوم القيامة ظل بارد ورطب طيب وماء بارد"، وكنَّى الرجل من الأنصار، فقال أبو الهيثم بن التيهان، واسمه: مالك بن التيهان وذكر قصته.
قال الرازي: قيل السؤال إنما هي عن الزائد على ما لا بد منه من مطعم وملبس ومسكن، والحق أن السؤال يعم المؤمن والكافر، وأنه عن جميع النعم سواء كانت النعم مما لا بد منه أو لا، والسؤال إنما هو في موقف الحساب، و ﴿ثُمَّ﴾ للترتيب الإخباري لا المعنوي؛ لأن السؤال قبل رؤية الجحيم. انتهى.
تتمة: والفرق بين علم اليقين وعين اليقين أن علم اليقين: هو إدراك الشيء من غير مشاهدة، وعين اليقين: الرؤية التي هي العلم به مع المشاهدة، وأما حق اليقين فهو: مع الملاصقة والممازجة، وقد أخبر الله سبحانه هنا بالأولين، وأخبر بالثالث في سورة الواقعة، حيث قال: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ...﴾ الآية، والله أعلم.
الإعراب
﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦)﴾.
﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)﴾: فعل ماض ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر، والجملة مستأنفة. ﴿حَتَّى﴾: حرف جر وغاية، أو عاطفة. ﴿زُرْتُمُ﴾: فعل وفاعل في محل النصب بأن مضمرة؛ لأنه ماض في اللفظ مستقبل في المعنى بالنسبة إلى ما قبل ﴿حَتَّى﴾. ﴿الْمَقَابِرَ﴾: مفعول به، والجملة الفعلية في تأويل مصدر مجرور بـ ﴿حَتَّى﴾ بمعنى إلى، تقديره: ألهاكم التكاثر إلى زيارتكم المقابر، أو الجملة معطوفة على جملة ﴿أَلْهَاكُمُ﴾. ﴿كَلَّا﴾: حرف ردع وزجر عن التشاغل عن الطاعات. ﴿سَوْفَ﴾: