سبحانه بالمحافظة عليها، وقيل: هو قسم بعصر النبي - ﷺ - قال الزجاج: قال بعضهم معناه: ورب العصر، والأول أولى، وقرأ سلَّام (١): ﴿والعصِر﴾ بكسر الصاد، و ﴿الصبِر﴾ بكسر الباء، قال ابن عطية: وهذا لا يجوز إلا في الوقف على نقل الحركة، وروي عن أبي عمرو: ﴿بالصبِر﴾ بكسر الباء إشمامًا، وهذا أيضًا لا يكون إلا في الوقف. انتهى.
وفي "الكامل" للهذلي: ﴿والعصر﴾ و ﴿الصبر﴾ ﴿والفجر﴾ ﴿والوتر﴾ بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها، وقرأ هارون وابن موسى عن أبي عمرو والباقون بالإسكان كالجماعة. انتهى.
وقال ابن خالويه: ﴿وتواصوا بالصبر﴾ بنقل الحركة عن أبي عمرو، وقال صاحب "اللوامح": قرأ عيسى البصرة: ﴿بالصبر﴾ بنقل حركة الراء إلى الباء؛ لئلا يحتاج أن يأتي ببعض الحركة في الوقف، ولا إلى أن يسكن فيجتمع ساكنان، وذلك لغة شائعة، وليست شاذة بل مستفيضة، وفي ذلك دلالة على الإعراب وانفصال عن التقاء الساكنين، وتأدية لحقّ الموقوف عليه من السكون. انتهى.
وقد أنشدنا في الدلالة على هذا في شرح "التسهيل" عدة أبيات، كقول الراجز:

أَنَا جَرِيْرٌ كُنْيَتِي أَبُوْ عُمِرْ أَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَسَعْدٌ فِيْ الْعَصِرْ
يريد أبو عمر والعصر.
وحاصل المعنى: أن الله سبحانه وتعالى أقسم (٢) بالدهر؛ لما فيه من أحداث وعبر يُستدل بها على قدرته وبالغ حكمته وواسع علمه، انظر إلى ما فيه من تعاقب الليل والنهار، وهما آيتان من آيات الله، كما قال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ وإلى ما فيه من سراء وضراء، وصحة وسقم، وغنى وفقر، وراحة وتعب، وحزن وفرح إلى نحو ذلك مما يسترشد به حصيف الرأي إلى أن للكون خالقًا ومدبرًا، وهو الذي ينبغي أن يوجه إليه بالعبادة، ويُدعى لكشف الضر وجلب الخير إلى أن الكفار كانوا يضيفون أحداث السوء إلى الدهر، فيقولون: هذه نائبة من
(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon