أن تكون تلك الساعة في طاعة أو معصية، فإن كانت في معصية فهو الخسران البين الظاهر، وإن كانت في طاعة فلعل غيرها أفضل وهو قادر على الإتيان به، فكان فعل غير الأفضل تضييعًا وخسرانًا، فبان بذلك أنه لا ينفك أحد من خسران اهـ "جمل".
﴿لَفِي خُسْرٍ﴾؛ أي: لفي غبن وخسارة، وفي "المصباح": خسر في تجارته خسارة - بالفتح - وخسرًا وخسرانًا، ويتعدى بالهمزة، فقال: أخسرته فيها، وخسر خسرًا وخسرانًا أيضًا هلك، والخسر والخسران النقصان وذهاب رأس المال، والمراد به ما ينغمس فيه الإنسان من الآفات المهلكة.
﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسله ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فحكم بالخسران على جميع الناس إلا من كان آتيًا بهذه الأشياء الأربعة، وهي الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فهذه الأمور اشتملت على ما يخص نفسه، وهو الإيمان والعمل الصالح وما يخص غيره، وهو التواصي بالحق والتواصي بالصبر، وهما معطوفان على ما قبلهما من عطف الخاص على العام للمبالغة. اهـ. "رازي".
والحاصل: أن كل ما مضى من عمر الإنسان في طاعة الله فهو في صلاح وخير، وما كان بضده فهو في خسر وفساد وهلاك. اهـ. "خازن".
وقوله: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ فعل ماض من باب تفاعل مأخوذ من المواصاة، وهي التقديم إلى الغير بما يعمل به مقرونًا بوعظ ونصيحة من قولهم: أرض واصية؛ أي: متصلة بالنبات، يقال: واصيت إليه بكذا؛ أي: قدمته إليه إذا أمرته قبل الحاجة إلى الفعل. اهـ. "كرخي" بتصرف.
﴿بِالْحَقِّ﴾: وهو كل ما حكم الشرع بصحته، ولا يسوغ إنكاره، وهو الخير كله من توحيد الله تعالى وطاعته واتباع كتبه ورسله، والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة. اهـ. "خطيب"، وقيل: الحق هو ما تصدّر من حقيقة ثابتة أرشد إليها دليل، قاطع، أو عيان ومشاهدة، أو شريعة صحيحة جاء بها نبي معصوم.
﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ والصبر: هو قوة للنفس تدعوها إلى احتمال المشقة في العمل