بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (٦) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥)﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿وَالشَّمْسِ﴾؛ أي: أقسم لك يا محمد بالشمس ﴿وَضُحَاهَا﴾؛ أي: وبضحاها وهو قسم ثان؛ أي: وبضوئها إذا طلعت وقام سلطانها، وانبسط نورها، وهي كوكب نهاري ينسخ ظهوره كواكب الليل، وجواب القسم في هذا وما بعده قوله الآتي: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)﴾ كما سيأتي بيانه.
وأقسم سبحانه بهذه الأمور المذكورة (١): لأن له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، وقال قوم: إن القسم بهذه الأمور ونحوها مما تقدم ومما سيأتي هو على حذف مضاف؛ أي: ﴿و﴾ رب ﴿الشمس﴾ ورب القمر، وهكذا سائرها، ولا مُلجِىء إلى هذا ولا موجب له.
واعلم: أنه سبحانه أقسم (٢) أولًا بالشمس نفسها غابت أو ظهرت؛ لأنها خلق عظيم يدل على قدرة مبدعها، وأقسم ثانيًا بضوئها؛ لأنه مبعث الحياة في كل حي، فلولاها ما أبصرت حيًا ولا رأيت ناميًا، ولولاها ما وُجد الضياء ولا انتشر النور، وإذا أرسلت خيوطها الذهبية على مكان.. فر منه السقم، وولت جيوش الأمراض هاربة؛ لأنها تفتك بها فتكًا ذربعًا، وقال مجاهد (٣): ﴿وَضُحَاهَا﴾؛ أي: ضوئها وإشراقها، وأضاف الضحى إلى الشمس؛ لأنه إنما يكون عند ارتفاعها، وكذا قال الكلبي، وقال قتادة: ﴿وَضُحَاهَا﴾ نهارها كله، وقال الفراء: الضحى هو النهار، وقال
(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon