بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾.
أسباب النزول
قيل: إن هذه السورة نزلت في العاص بن وائل السهمي، وذلك أنه رأى رسول الله - ﷺ - يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا وأناس من صناديد قريش جلوس في المسجد فلما دخل العاص بن وائل قالوا: من الذي كنت تتحدث معه؟ قال ذلك الأبتر دعوه، فإنه رجل لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره، وكان في تلك الأيام قد توفي عبد الله بن رسول الله - ﷺ -، (وقيل: ولده إبراهيم)، وهو من خديجة "الكبرى" ففرح أعداء رسول الله - ﷺ -، ومبغضوه، وقالوا: قد بتر محمد، وسينقطع ذكره، ولم يبق له أثر في أولاده من بعده، وكانوا يعدون ذلك عيبًا يلمزونه به، وسينفرون الناس من اتِّباعه، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾.
وعن عطاء قال: نزلت في أبي لهب، وذلك حين مات ابن رسول الله - ﷺ - ذهب أبو لهب إلى المشركين، فقال: بُتِر محمد الليلة، فأنزل الله في ذلك: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾ وقال السدي: كانوا إذا مات ذكور الرجل.. قالوا: بتر، فلما مات أبناء رسول الله - ﷺ - قالوا: بُتر محمد، فأنزل الله سبحانه: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نزلت في أبي جهل، وفي رواية أخرى عنه قال: نزلت في كعب بن الأشرف؛ إذ قدم مكة، فقالت له قريش: أنت سيد أهل المدينة وخيرهم، ألا ترى هذا الصابئى المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية، فقال: أنتم خير منه، فنزلت: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾.
قال ابن عباس: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ﴾ يعني: عدوك، وهذا يعم جميع من اتصف


الصفحة التالية
Icon