يَا جَعْفَرٌ يَا جَعْفَرٌ يَا جَعْفَرُ | إِنْ أَكُ دَحْدَاحًا فَأَنْتَ أَقْصَرُ |
فَأيْنَ إِلَى أَيْنَ النَّجَاةُ بِبَغْلَتِي | أَتَاكِ أَتَاكِ اللَّاحِقُوْنَ احْبِسِ احْبِسِ |
والنكتة في ذلك أن يجري الكلام على نمط واحد ولا يختلف، وقيل: إنه أراد الصفة كما مر، كأنه قال: لا أعبد الباطل ولا تعبدون الحق، وقيل: إن ما، في المواضع الأربعة هي المصدرية لا الموصولة؛ أي: لا أعبد عبادتكم، ولا أنتم عابدون عبادتي، إلخ. انتهى من "الشوكاني".
وعبارة أبي حيان هنا: وللمفسرين في هذه الجمل أقوال (١):
أحدها: أنها للتأكيد، فقوله: ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤)﴾ توكيد لقوله: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)﴾، وقوله: ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥)﴾ ثانيًا تأكيد لقوله: ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)﴾ أولًا، والتوكيد في لسان العرب كثير جدًّا نثرًا ونظمًا، وفائدة هذا التوكيد: قطع أطماع الكفار، وتحقيق الإخبار بموافاتهم على الكفر، وأنهم لا يسلمون أبدًا.
والثاني: أنه ليس للتوكيد، واختلفوا فقال الأخفش: المعنى لا أعبد الساعة ما تعبدون، ولا أنتم عابدون الساعة ما أعبد، ولا أنا عابد في المستقبل ما عبدتم، ولا أنتم عابدون في المستقبل ما أعبد، فزال التوكيد؛ إذ قد تقيَّدت كل جملة بزمان مغاير.
(١) البحر المحيط.