يعذب كل مجرم بما يناسب حاله في جرمه.
وعن قتادة: أنها مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها، فعيِّرت بالبخل، فالنصب حينئذ على الشتم حتمًا، وقيل: كانت تمشي بالنميمة وتفسد بين الناس، تحمل الحطب بينهم؛ أي: توقد بينهم النائرة وتورث الشر، والحطب: ما أعد من الشجر شبوبًا، كما في "القاموس"، قيل: الحطب: جمع حاطب كحرس وحارس.
والمعنى: تحمل الجناة على الجنايات، وقرأ أبو قلابة: ﴿حاملة الحطب﴾،
٥ - وقوله: ﴿فِي جِيدِهَا﴾؛ أي: في عنقها، خبر مقدم ﴿حَبْلٌ﴾: مبتدأ مؤخر. ﴿مِنْ مَسَدٍ﴾؛ أي: من ليف: صفة لـ ﴿مسد﴾، والجملة الاسمية في محل النصب حال من ﴿امرأته﴾، والجيد - بالكسر - العنق ومقلده، أو مقدمه، كما في "القاموس"، والمسد: ما يفتل منه الحبال فتلًا شديدًا، من ليف كان أو جلد أو غيرهما، يقال: دابة ممسودة: شديدة الأسر والربط، وقال أبو عبيدة: المسد: هو الحبل يكون من صوف، وقال الحسن: هي حبال يتكون من شجر ينبت باليمن، تسمى بالمسد، وقد تكون الحبال من جلود الإبل أو من أوبارها.
والمعنى: في عنقها حبل مما مُسِّد وفتل من الحبال، وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها، كما يفعل الحطابون تخسيسًا لحالها، وتصويرًا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتغضب من ذلك، ويشق عليها، ويغضب بعلها أيضًا، وهما في بيت العز والشرف، وفي منصب الثروة والجِدَة.
وقال مجاهد: ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)﴾؛ أي: طوق من حديد، قال مرة الهمداني: كانت أم جميل تأتي كل يوم بإبالة من حسك، فتطرحها على طريق المسلمين، فبينما هي ذات ليلة حاملة حزمة أعيت، فقعدت على حجر لتستريح، فجذبها الملك من خلفها، فاختنقت بحبلها حتى هلكت.
وقال الضحاك وغيره: هذا في الدنيا كانت تعيِّر النبي - ﷺ - بالفقر، وهي تحتطب في حبل تجعله في عنقها، فخنقها الله به، فأهلكها وهو في الآخرة حبل من نار، وقال مجاهد وعروة بن الزبير: هو سلسلة من نار تدخل في فيها، وتخرج من أسفلها، وقال الزمخشري: ويحتمل أن يكون المعنى: أن حالها يكون في نار جهنم