وأخرج أبو يعلى وابن المنذر والطبراني في "الأوسط" وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي عن جابر قال: جاء أعرابي إلى النبي - ﷺ -، فقال: انسب لنا ربك، فأنزل الله سبحانه: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ إلى آخر السورة، وحسَّن السيوطي إسناده، وأخرج الطبراني وأبو الشيخ في "العظة" عن ابن مسعود قال: قالت قريش لرسول الله - ﷺ -: انسب لنا ربك، فنزلت هذه السورة: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن ابن عباس: أن اليهود جاءت إلى النبي - ﷺ - منهم: كعب بن الأشرف وحُيَيُّ بن أخطب، فقالوا: يا محمد صف لنا ربك الذي بعثك، فأنزل الله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ﴾ فيخرج منه الولد ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ فيخرج من شيء.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿قُلْ﴾ يا محمد لمن سألك عن صفة ربك ﴿هُوَ﴾؛ أي: ربي الذي سألتموني عن صفته ونسبه ﴿اللَّهُ﴾؛ أي: المعبود المستحق للعبادة من جميع المخلوقات الجامع لصفات الكمال كلها، المنزه عن صفات النقائص كلها هو ﴿أَحَدٌ﴾؛ أي: واحد لا كثرة في ذاته ولا في صفاته، فهو ليس بمركب من جواهر مختلفة، ولا من أصول متعددة غير مادية، فهو الواحد المنزه عن التركيب والتعدد؛ لأن التعدد في الذات مستلزم لافتقار المجموع إلى تلك الأجزاء، والله لا يفتقر إلى شيء، فالضمير في قوله: ﴿قُلْ هُوَ﴾ يحتمل عوده إلى المسؤول عنه؛ أي: الذي سألتم عنه هو الله، فالضمير حينئذ مبتدأ، و ﴿اللَّهُ﴾ خبره، و ﴿أحد﴾ بدل منه، وإبدال النكرة المحضة من المعرفة يجوز عند حصول الفائدة على ما ذهب إليه أبو علي الفارسي؛ لما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبي - ﷺ -، فقال عامر: إلى من تدعونا يا محمد؟ فقال: إلى الله تعالى، قال: صفه لنا، أمن ذهب أم من فضة أم من حديد أم من خشب؟ فنزلت هذه السورة، وأهلك الله أربد بالصاعقة، وعامر بن الطفيل بالطاعون، وقيل: نزلت بسبب سؤال النصارى، روي عن ابن عباس قال: قدم وفد نجران، فقالوا: صف لنا ربك، أمن

(١) الخازن.


الصفحة التالية
Icon