همزة، فاجتمع ألفان؛ لأن الهمزة تشبه الألف، فحُذفت إحداهما تخفيفًا. فإن قلت: كيف ذُكر ﴿أَحَدٌ﴾ في الإثبات مع أن المشهور أنه يُستعمل بعد النفي، كما أن الواحد لا يُستعمل إلا بعد الإثبات، يقال في الدار واحد، وما في الدار أحد، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾، وقوله: ﴿اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾، وقوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾.
فالجواب: قال ابن عباس - رضي الله عنهما - إنه لا فرق بينهما في المعنى، واختاره أبو عبيدة، ويؤيده قوله تعالى: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ﴾ وعليه فلا يختص أحدهما بمحل دون آخر، وإن اشتهر أحدهما استعمالًا في النفي، والآخر في الإثبات، ويجوز أن يكون العدول هنا عن المشهور رعاية للفاصلة بعد، فدل بقوله: ﴿اللَّهُ﴾ على صفات الكمال، وبالأحد على صفات الجلال اهـ "كرخي".
﴿اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)﴾؛ أي: المصمود المقصود في الحوائج، فهو فَعَل بمعنى مفعول، كالقَبَض بمعنى المقبوض، والنَّقَض بمعنى المنقوض، وإنما عرّفه بإدخال أل عليه دون ﴿أَحَدٌ﴾؛ لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته، وتكرير لفظ ﴿اللَّهُ﴾؛ للإشعار بأن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية، وإنما خلت هذه الجملة من العاطف؛ لأنها كالنتيجة للأولى؛ أي: كالدليل عليها اهـ "البيضاوي".
﴿لَمْ يَلِدْ﴾ من ولد يلد - من باب وعد يعد - أصله يَوْلِد بفتح الياء وكسر اللام؛ لأنه معلوم فحذفوا الواو؛ لوقوعها بين عدوتيها الياء والكسرة.
﴿كُفُوًا﴾ بوزن فعل، وكفيئًا على وزن فعيل، وكفاء على وزن فعال بمعنى واحد، والكفء المثل والنظير، وقال أبو حيان بضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الفاء وبضم الكاف مع ضم الفاء، يقال: هذا كفاؤه وكفؤه بمعنى مثله، وكافأ فلانًا إذا ماثل.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع: