كعب وحماد بن سلمة بضم الطاء، فعلى القراءة الأولى هو مصدر بمعنى الطغيان، وإنما قُلبت الياء واوًا للفرق بين الاسم والصفة؛ لأنهم يقلبون الياء في الأسماء كثيرًا نحو: تقوى وسروى، وعلى القراءة الثانية هو مصدر كالرجعى والحسنى ونحوهما، وكان قياسها الطغيا بالياء كالسقيا، لكنهم شذوا فيه، وقيل: هما لغتان، والمعنى؛ أي: كذبت ثمود نبيَّها صالحًا عليه السلام بسبب طغيانها وبغيها،
١٢ - ثم بيّن أمارة ذلك التكذيب، فقال: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢)﴾: منصوب بـ ﴿كذبت﴾ أو ﴿بالطغوى﴾؛ أي: حين قام أشقى ثمود، وهو قُدار بن سالف امتثالًا لأمر من بعثه إليه، فإن ﴿انْبَعَثَ﴾ مطاوع لبعث، يقال: بعثت فلانًا على أمرٍ فانبعث له وامتثل.
قال في "كشف الأسرار": الانبعاث: الإسراع في الطاعة للباعث، أو حين قام قدار، ومن تصدى معه لعقر الناقة من الأشقياء، فإن أفعل التفضيل إذا أضيف يصلح للواحد والمتعدد، والمذكر والمؤنث، ويدل على (١) الأول قوله تعالى، في سورة القمر: ﴿فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩)﴾، فإنه يدل على أن المباشر واحد معين، وفضل شقاوتهم على من عداهم مباشرتهم العقر مع اشتراك الكل في الرضى به.
١٣ - ﴿فَقَالَ لَهُمْ﴾؛ أي: لثمود ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾ حين علم ما عزموا عليه من العقر، وهو صالح عليه السلام بن عبيد بن جابر بن ثمود بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، فالإضافة فيه للعهد، عبر عنه بعنوان الرسالة إيذانًا بوجوب طاعته وبيانًا لغاية عتوهم وتماديهم في الطغيان ﴿نَاقَةَ اللَّهِ﴾ منصوب (٢) على التحذير وإن لم يكن من الصور التي يجب فيها حذف العامل، وأضيفت إليه تعالى للتشريف، كبيت الله؛ أي: ذروا ناقة الله الدالة على وحدانيته، وكمال قدرته، وعلى نبوتي، واحذروا عقرها ﴿وَسُقْيَاهَا﴾؛ أي: شربها، وهو نصيبها من الماء، ولا تطردوها عنه في نوبتها، فإنها كان لها شرب يوم معلوم، ولهم ولمواشيهم شرب يوم آخر، وكانوا يستضرون بذلك في مواشيهم، فهموا بعقرها، قال أبو حيان (٣): وقرأ الجمهور: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ﴾ بنصب التاء، وهو منصوب على التحذير مما يجب إضمار عامله؛ لأنه قد عُطف عليه، فصار حكمه بالعطف حكم المكرر، كقولك: الأسد الأسد؛ لأن العامل في التحذير يضمر وجوبًا في ثلاثة مواضع:
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.