أحدها: أن يكون المحذر به نفس إياك وبابه.
الثاني: أن يكون عطف.
الثالث: أن يكون هناك تكرار، كقولك: الأسد الأسد اهـ. من "السمين" بتصرف، وما ذكرناه آنفًا نقلًا عن صاحب "الروح" فغير سديد.
والمعنى (١): أي فقال لهم صالح عليه السلام: احذروا ناقة الله التي جعلها آية نبوتي، واحذروا شربها الذي اختصت به في يومها، فلا تؤذوها ولا تتعدَّوْا عليها في شربها ولا في يوم شربها، وكان صالح عليه السلام قد اتفق معهم على أن للناقة شرب يوم، ولهم ولمواشيهم شرب يوم، فكانوا يجدون في أنفسهم حرجًا لذلك ويتضررون منه، فهموا بقتلها، فحذرهم أن يفعلوا ذلك، وخوفهم عذاب الله تعالى وعقابه الذي ينزله بهم إن هم أقدموا على هذا الفعل،
١٤ - لكنهم كذبوه ولم يستمعوا النصيحة، كما أشار إلى ذلك بقوله: ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾؛ أي: فكذبوا رسول الله صالحًا عليه السلام في وعيده لهم بقوله: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾ قال أبو حيان: والجمهور على أنهم كانوا كافرين، وروي أنهم كانوا قد أسلموا قبل ذلك، وتابعوا صالحًا بمدة، ثم كذبوا وعقروا، كما قال: ﴿فَعَقَرُوهَا﴾؛ أي: فعقر الناقة أشقاهم قدار بن سالف، وأسند العاقر إلى الجماعة؛ لكونهم راضين به ومتمالئين عليه، قال قتادة: إنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، قال الفراء: عقرها اثنان، والعرب تقول: هذان أفضل الناس وهذان خير الناس، فلهذا لم يقل أشقَياها؛ أي: عقرها قدار ومن ساعده في رجليها، فأسقطوها، ثم ذبحوها، فتقاسموا لحمها. قال السهيلي (٢): العاقر قدار بن سالف، وأمه قديرة، وصاحبه الذي شاركه في عقر الناقة اسمه مصدع بن وهر أو ابن جهم، والعقر: النحر، وقدم التكذيب على العقر؛ لأنه كان سبب العقر، وفي الحديث أنه - ﷺ - قال لعلي: "يا علي أتدري من أشقى الأولين؟ " قال: الله ورسوله أعلم. قال: "عاقر الناقة، قال: أتدري من أشقى الآخِرين؟ " قال: الله ورسوله أعلم. قال: "قاتلك" رواه أحمد وابن أبي حاتم والحاكم وأبو نعيم وغيرهم عن عمار بن ياسر.
(٢) روح البيان.