من الملوك والولاة، فيترحم بعض الترحم، وذلك أن الله تعالى لا يفعل إلا بحق، وكل من فعل بحق فإنه لا يخاف عاقبة ما فعل، ولا يبالي بعاقبة ما صنع وإن كان من شأنه الخوف، وقيل: الضمير في ﴿يَخَافُ﴾ إلى العاقر؛ أي: ولا يخاف قدار ولا هم ما يعقب عقرها ويتبعه وما يترتب عليه من أنواع البلاء والمصيبة والعقاب، مع أن صالحًا عليه السلام قد أخبرهم بها، وقال السدي والضحاك والكلبي: إن الضمير يرجع إلى العاقر؛ لأن الكلام فيه لا إلى الله؛ أي: لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع، وقيل الضمير إلى صالح عليه السلام؛ أي: ولا يخاف رسول الله عليه السلام عاقبة إهلاك قومه ولا يخشى ضررًا يعود عليه من عذابهم؛ لأنه قد أنذرهم، والأول أولى، وقرأ الجمهور (١): ﴿وَلَا يَخَافُ﴾ بالواو، وقرأ نافع وابن عامر وأبىٌّ والأعرج: ﴿فلا تخاف﴾ بالتاء، وقرىء: ﴿ولم يخف﴾ وهو مروي عن النبي - ﷺ -، ذكره في "المراح".
والمعنى: أن الله أهلكهم ولا يخاف عاقبة إهلاكهم (٢)؛ لأنه لم يظلمهم فيخيفه الحق، وليس هو بالضعيف حتى يناله منهم مكروه تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
والمراد أنه بالغ في عذابهم إلى غاية ليس فوقها غاية، فإن من يخاف العاقبة لا يبالغ في الفعل، أما الذي لا يخاف العاقبة ولا تبعة العمل، فإنه يبالغ فيه؛ ليصل إلى ما يريد، وقد علمت أن القصص مسوق لتسلية رسوله - ﷺ - بأنه سينزل بالمكذبين من قومه مثل ما أنزل بثمود، ولقد صدق الله وعده، فأهلك من أهلك من أهل مكة في وقعة بدر بأيدي المؤمنين، ثم لم يزل يحل بهم الخزي والعذاب بالقتل تارة وبالإبعاد أخرى، حتى لم يبق في جزيرة العرب مكذب، ولو سارت الدعوة سيرتها في عهد الصحابة.. لما بقي في الأرض مكذب، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
الإعراب
﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤)﴾.

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon