التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)﴾؛ أي: وأقسم بالليل إذا يغطي (١) بظلمته ما كان مضيئًا، قال الزجاج: يغشى الليل الأفق، وجميع ما بين السماء والأرض، فيُذهب ضوء النهار، وقيل يغشى: النهار، وقيل يغشى: الأرض، والأول أولى، و ﴿إذا﴾ للحال (٢)؛ لكونها بعد القسم، كما مر في السورة السابقة؛ أي: أقسم بالليل حين يغشى الشمس، ويغطيها ويسترها، كقوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤)﴾ فعدم ذكر المفعول للعلم به أو النهار، أو كل ما يواريه بظلامه، فعدم ذكر المفعول للتعميم، والليل عند أهل النجوم: ما بين غروب الشمس وطلوعها، وعند أهل الشرع: ما بين غروبها وطلوع الفجر الصادق، ولعله المراد هنا، والنهار ما يقابله على كلا الضبطين.
قال بعض أهل المحبة:

وَاللَّيْلُ دَاجٍ وَالْعُصَاةُ نِيَامُ وَالْعَابِدُوْنَ لِذِيْ الْجَلَالِ قِيَامُ
٢ - ﴿و﴾ أقسم بـ ﴿النَّهَارِ﴾ وضوئه ﴿إِذَا تَجَلَّى﴾؛ أي: ظهر وانكشف، ووضح؛ لزوال الظلمة التي كانت في الليل، إن كان المغشي غير الشمس، أو تبين وتكشف بطلوع الشمس، وإن كان المغشي الشمس، واختلاف الفاصلتين بالمضي والاستقبال؛ للدلالة على أنه لا يجري عليه تعالى زمان، فالمستقبل عنده تعالى كالماضي في التحقق
٣ - ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)﴾؛ أي: وأقسم بالذي خلق وأوجد الذكر والأنثى، فـ ﴿ما﴾ موصولة، وعبر عن (٣) من بـ ﴿ما﴾؛ للدلالة على الوصفية، ولقصد التفخيم، كما في قوله: ﴿وَمَا بَنَاهَا﴾؛ لأنها (٤) لتوغلها في الإبهام أفادت أن الوصف الذي استُعملت هي فيه بالغ إلى أقصى درجات القوة والكمال بحيث كان مما لا يكتنه كنهه، وأنه لا سبيل للعقل إلى إدراكه بخصوصه، وإنما الممكن هو إدراكه بأمر عام صادق، واللامان (٥) للحقيقة، ويجوز أن تكونا للاستغراق.
(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٤) روح البيان.
(٥) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon