وأخرج الحاكم عن زيد بن أرقم قال: مكث رسول الله - ﷺ - أيامًا لا ينزل عليه جبريل، فقالت أم جميل امرأة أبي لهب: ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك، فأنزل سبحانه: ﴿وَالضُّحَى (١)...﴾ الآيات.
وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة في "مسنده" والواحدي وغيرهم بسند فيه من لا يُعرف عن حفص بن صبرة القرشي عن أمه عن أمها خولة، وقد كانت خادمة رسول الله - ﷺ -: أن جروًا دخل بيت رسول الله - ﷺ -، فدخل تحت السرير، فمات، فمكث النبي - ﷺ - أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال: "يا خولة ما حدث في بيت رسول الله - ﷺ - جبريل لا يأتيني"، فقلت في نفسي لو هيأت البيت فكنسته، فأهويت بالمكنسة تحت السرير، فأخرجت الجرو، فجاء النبي - ﷺ - يرعد بجبينه، وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة، فأنزل الله: ﴿وَالضُّحَى (١)﴾ إلى قوله: ﴿فَتَرْضَى﴾.
قال الحافظ ابن حجر: قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، بل شاذ مردود بما في "الصحيح".
وأخرج (١) ابن جرير عن عبد الله بن شداد أن خديجة قالت للنبي - ﷺ -: ما أرى ربك إلا قد قلاك، فنزلت، وأخرج أيضًا عن عروة قال: أبطأ جبريل على النبي - ﷺ -، فجزع جزعًا شديدًا، فقالت خديجة: إني أرى ربك قد قلاك مما يرى من جزعك، فنزلت، وكلاهما مرسل، ورواتهما ثقات، قال الحافظ ابن حجر: فالذي يظهر أن كلًّا من أم جميل وخديجة قالت ذلك، لكن أم جميل قالت شماتة، وخديجة قالته توجعًا.
وأخرج الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس قال: قال رسول الله - ﷺ -: "عُرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي، فسرني"، فأنزل الله سبحانه: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)﴾ إسناده حسن، وأخرج الحاكم والبيهقي في "الدلائل"، والطبراني وغيرهم عن ابن عباس قال: عُرض على رسول الله - ﷺ - ما هو مفتوح على أمته كَفْرًا كَفْرًا؛ أي: قرية قرية، فسر به، فأنزل الله سبحانه: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)﴾.

(١) لباب النقول.


الصفحة التالية
Icon