وعبارة "الخازن" هنا: واختلفوا في نزول هذه السورة على ثلاثة أقوال (١):
القول الأول: ما روى الشيخان عن جندب بن سفيان البجلي قال: اشتكى رسول الله - ﷺ -، فلم يقم ليلتين من ثلاثًا، فجاءت امرأة، فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك لم أره قربك ليلتين من ثلاثًا، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)﴾ متفق عليه.
قيل: إن المرأة المذكورة في هذا الحديث هي: أم جميل امرأة أبي لهب، وأخرجه الترمذي عن جندب قال: كنت مع النبي - ﷺ - في غار، فدميت أصبعه، فقال:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيْتِ وَفِي سَبِيْلِ اللهِ مَا لَقِيْتِ
قال: فأبطأ عليه جبريل، فقال المشركون: قد وُدع محمد، فأنزل الله عز وجل: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)﴾.
والقول الثاني: ما قاله المفسرون: سألت اليهود رسول الله - ﷺ - عن الروح وعن ذي القرنين وأصحاب الكهف حين أرسلوا إلى قريش، فأمروهم بسؤاله عن هذه الثلاثة، فسألته قريش، فقال: "سأخبركم غدًا"، ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس الوحي عليه.
والقول الثالث: ما قاله زيد بن أسلم كان سبب احتباس الوحي وجبريل عنه: أن جروًا كان في بيته، فلما نزل عليه عاتبه رسول الله - ﷺ - على إبطائه، فقال: إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة.
واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه (٢)، فقيل: اثنا عشر يومًا، وقال ابن عباس: خمسة عشر يومًا، وقيل: أربعون يومًا، فلما نزل جبريل عليه السلام.. قال النبي - ﷺ -: "يا جبريل ما جئتَ حتى اشتقت إليك"، فقال جبريل: إني كنت إليك أشد اشتياقًا، ولكني عبد مأمور، ونزل: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾، وأنزل هذه السورة.
(١) الخازن.
(٢) الخازن.


الصفحة التالية
Icon