التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿وَالضُّحَى (١)﴾ أقسم بالضحى؛ أي: بالنهار كله بدليل أنه قابله بالليل كله في قوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)﴾ وقيل: أقسم بوقت الضحى، وهي الساعة التي فيها ارتفاع الشمس واعتدال النهار في الحر والبرد في الصيف والشتاء، وعلى القول الأول يكون في الكلام مجاز مرسل من إطلاق اسم الجزء وإرادة الكل، وقرينته مقابلة بالليل، كما قاله البغوي، وقيل: على تقدير المضاف؛ أي: ورب الضحى، فيكون فيه مجاز بالحذف، قالوا: تخصيصه (١) بالإقسام به؛ لأنها الساعة التي كلم الله فيها موسى عليه السلام، وألقي السحرة فيها سجدًا؛ لقوله: ﴿وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ فكان له بذلك شرف، ومناسبة لمجال المقسم لأجله
٢ - ﴿وَاللَّيْلِ﴾؛ أي: وأقسم بجنس الليل، قال ابن خالويه هو معطوف على ﴿الضحى﴾، لا قسم مستقل؛ لأنه يصلح أن يقع في موضع ﴿الواو﴾ ثم، من الفاء بأن يقال: ثم الليل مثلًا، وثم لا تكون للقسم. ﴿إِذَا﴾: هذه لمجرد (٢) الظرفية، والعامل فيها فعل القسم المقدر مثل ما تقدم، وورد عليه الإشكال المتقدم في سورة الشمس؛ أي: وأقسم بالليل إذا ﴿سَجَى﴾ وغطى بظلامه على كل شيء، قال ابن عباس: إذا أقبل بظلامه، وعنه إذا ذهب، وقيل معناه: إذا سكن واستقر ظلامه وتناهى، فلا يزداد بعد ذلك يعني: أن سكون ظلامه عبارة عن عدم تغيره بالاشتداد، والتنزل، وذلك حين اشتد ظلامه وكمل، فيستقر زمانًا، ثم يشرع في التنزل، فإسناد سكون الظلمة الكائنة فيه إليه مجاز علاقته الحلول والظرفية، فإن الزمان ظرف لما فيه، من إذا سكن أهله فهو مجاز أيضًا، من إسناد ما للشيء إلى زمانه نحو نهاره صائم، وليله قائم، فمعناه: سكون الناس والأصوات، وجميع ما فيه يقال: سجا البحر - من باب سما - سجوًا إذا سكنت أمواجه، وليلة ساجية: ساكنة الريح، وعن جعفر الصادق: إن المراد بالضحى: هو الضحى الذي كلم الله فيه موسى، وبالليل: ليلة المعراج.
فإن قلت: لم قدم هنا (٣) ﴿الضحى﴾ على ﴿الليل﴾ وفي السورة التي قبلها قدم ﴿الليل﴾ على ﴿النهار﴾؟

(١) روح البيان.
(٢) الفتوحات.
(٣) الفتوحات.


الصفحة التالية
Icon