الفُرع، وتوفيت أمه، وهو ابن أربع سنين، وقيل: خمس سنين، وقيل: ست سنين، وقيل: سبع سنين، وقيل: ثمان سنين، وقيل: تسع سنين، وقيل: ثنتي عشرة سنة وشهر وعشرة أيام، وكانت وفاتها بالأبواء، وقيل: بالحجون اهـ، من "المواهب" و"شرحه".
وقال بعضهم (١): لما وُلد رسول الله - ﷺ - كان مع جده عبد المطلب ومع أمه آمنة، فهلكت أمه آمنة وهو ابن ست سنين، ثم مات جده بعد أمه بسنتين، ورسول الله ابن ثمان سنين، ولما أشرف جده عبد المطلب على الموت.. أوصى به - ﷺ - أبا طالب؛ لأن عبد الله وأبا طالب كانا من أم واحدة، فكان أبو طالب هو الذي كفل رسول الله - ﷺ - إلى أن بعثه الله تعالى نبيًا، فقام ينصره مدة مديدة، ثم توفي أبو طالب، فنال المشركون منه - ﷺ - ما لم ينالوا منه في حياة أبي طالب، أي: آذوه، وكان - ﷺ - يقول: "كنت يتيمًا في الصغر وغريبًا في الكبر"، وكان يحب الأيتام ويحسن إليهم، وفي الحديث: "من ضم يتيمًا، وكان في نفقته.. كفاه مؤنته، كان له حجابًا من النار، ومن مسح رأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة".
وإنما جعله الله سبحانه يتيمًا؛ لئلا يسبق إلى قلب بشر أن الذي نال من العز والشرف والاستيلاء.. كان عن تظاهر نسب أو توارث مال من نحو ذلك، وعن مجاهد، معنى الآية (٢): ألم يجدك واحدًا في شرفك لا نظير لك، فآواك الله سبحانه بأصحاب يحفظونك ويحوطونك، فجعل يتيمًا من قولهم: درة يتيمة، أي: لا نظير لها، وهذا المعنى بعيد جدًّا، وقيل المعنى: ألم يجدك وحيدًا في قريش عديم النظير، فآواك إليه، وأيدك وشرفك بنبوته، واصطفاك برسالته، والأول أولى.
وخلاصة المعنى: أي ألم تكن يا محمد يتيمًا لا أب له يعني: بتربيتك، ويقوم بشؤونك، ويهتم بتنشئتك، فما زال يحميك ويتعهدك برعايتك، ويجنبك أدناس الجاهلية وأوضارها، حتى رقيت إلى ذروة الكمال الإنساني، وقد عاش النبي - ﷺ - يتيمًا؛ إذ توفي أبوه وهو في بطن أمه، فلما وُلد عطَّف الله عليه قلب جده عبد المطلب، فما زال يكفله خير كفالة حتى توفي، والنبي - ﷺ - يومئذ في السنة الثامنة، فكفله عمه أبو طالب بوصية من عبد المطلب، فكان به حفيًا شديد العناية
(٢) الشوكاني.