والمتشابهات.. تضرعوا إلى الله تعالى بقولهم: ﴿رَبَّنَا﴾ ويا مالك أمرنا ﴿لَا تُزِغْ﴾ ولا تمل ﴿قُلُوبَنَا﴾ عن الحق والهدى، كما أزغت قلوب الذين في قلوبهم زيغ؛ أي: لا تمل قلوبنا عن دينك. قراءة الجمهور: بضم التاء ونصب القلوب، وقرىء شذوذًا بفتح التاء ورفع القلوب على نسبة الفعل إليها ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾؛ أي: وفقتنا لدينك والإيمان بالمحكم والمتشابه من كتابك، أو يقال: يا ربنا لا تجعل قلوبنا مائلة إلى الباطل بعد أن تجعلها مائلة إلى الحق ﴿وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾؛ أي: أعطنا من فضلك وكرمك رحمة تثبتنا بها على دينك الحق والإيمان بكتابك، أو المعنى: أعطنا من عندك نور الإيمان والتوحيد والمعرفة في القلب ونور الطاعة والعبودية والخدمة في الأعضاء، وسهولة أسباب المعيشة من الأمن والصحة والكفافة في الدنيا، وسهولة سكرات الموت عند الموت، وسهولة السؤال والظلمة في القبر، وغفران السيئات وترجيح الحسنات في القيامة. ﴿إِنَّكَ أَنْتَ﴾ يا ربنا ﴿الْوَهَّابُ﴾ الهبة العظيم الخالية عن الأعواض والأغراض، فإن هذا الذي طلبنا منك في هذا الدعاء عظيم بالنسبة إلينا، لكنه حقير بالنسبة إلى كمال كرمك وغاية جودك ورحمتك. والوهاب في أسماء الله: هو الذي يعطي كل أحد على قدر استحقاقه.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول: "قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله - ﷺ -: " اللهم مصرِّف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" أخرجه مسلم.
وهذا الحديث من أحاديث الصفات، يجب الإيمان به وإمراره كما جاء من غير تعرض لتأويل ولا تكييف ولا لمعرفة معناه، بل نؤمن به كما جاء وأنه حق، ونكل علمه إلى مراد الله ورسوله - ﷺ -، وهذا القول هو مذهب أهل السنة من سلف الأمة وخلفها من أهل الحديث وغيرهم وهو الأعلم الأسلم الذي نعض
٩ - عليه بالنواجذ ويقولون أيضًا: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ﴾؛ أي؛ يا ربنا إنك تجمع الناس للجزاء في يوم لا شك في وقوعه فجازنا فيه أحسن الجزاء. {إِنَّ اللَّه