أبو داود في "سننه" والبيهقي في "الدلائل" من طريق أبي إسحاق عن محمَّد ابن أبي محمَّد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - ﷺ - لما أصاب قريشًا ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال لهم: يا معشر اليهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريشًا فقد عرفتم أني نبي مرسل، فقالوا: يا محمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال - يعني: جهالًا لا علم لهم بالحرب - إنك والله لو قاتلتنا.. لعرفت أنا نحن الرجال، وأنك لم تلقَ مثلنا، فأنزل الله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾ الآية إلى قوله: ﴿لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾.
وأخرج ابن جرير (١) عن ابن مسعود في قوله تعالى: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾ قال هذا يوم بدر نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلًا واحدًا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: أنزلت في التخفيف يوم بدر على المؤمنين كانوا يومئذٍ ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلًا، وكان المشركون مثليهم ست مئة وستة وعشرين، فأيد الله المؤمنين.
التفسير وأوجه القراءة
١٠ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وجحدوا ما قد عرفوه من نبوة محمَّد - ﷺ - سواء كانوا من بني إسرائيل، أم من كفار العرب؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ﴾؛ أي: لن تدفع عنهم ولن تنجيهم، ﴿أَمْوَالُهُمْ﴾ التي يبذلونها في جلب المنافع ودفع المضار ﴿وَلَا أَوْلَادُهُمْ﴾ الذين يتناصرون ويتفاخرون بهم في مهام أمورهم ويعولون عليهم في الخطوب النازلة ﴿مِنَ﴾ عذاب ﴿اللَّهِ شَيْئًا﴾ وقد كانوا يقولون نحن أكثر أموالًا وأولادًا وما نحن بمعذبين، فرد الله عليهم بقوله: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ ﴿وَأُولَئِكَ﴾ الكفرة ﴿هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾؛ أي: حطب النار الذي تسجر