﴿إِلَّا إِحْسَانًا﴾؛ أي: في المعاملة بين الخصوم، وهو مصدر أحسن الرباعي، من باب أكرم، ﴿وَتَوْفِيقًا﴾؛ أي: بينهم وبين خصومهم بالصلح والتوفيق، مصدر لوفق المضعف، والوفاق والوفق ضد المخالفة، ﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ أي: في الأمر الذي أشكل، والتبس عليهم، واختلطت واختلفت فيه آراؤهم، ومنه الشجر لالتفاف أغصانه واختلاطها وتداخل بعضها في بعض، ومنه قول طرفة:
وَهُمُ الْحُكَّامُ أَرْبَابُ الْهُدَى وَسُعَاةُ النَّاسِ في الأمْرِ الشَّجَرْ
أي: المختلف، ومنه تشاجر الرماح؛ أي: اختلافها، يقال: شجر الأمر يشجر شجورًا وشجرًا - من باب قعد - إذا التبس، وشاجر الرجل غيره في الأمر إذا نازعه فيه، وتشاجروا إذا تنازعوا، وخشبات الهودج يقال لها: شجار، لتداخل بعضها في بعض، ﴿حَرَجًا﴾ الحرج: الضيق، وقيل: الشك، ومنه قيل للشجر الملتف: حرج وحرجة، وجمعها حراج، وقيل: الحرج الإثم، ﴿تَسْلِيمًا﴾: مصدر مؤكد لعامله.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبديع (١):
منها: دخول حرف الشرط على ما ليس بشرط في الحقيقة في قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. ومنها: الإشارة في قوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأوِيلًا﴾، وفي قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾، وفي قوله: ﴿فَأُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾، وفي قوله: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾، وفي قوله: ﴿ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ﴾.
ومنها: الاستفهام المراد به التعجب في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ